بها أو بعده؛ وذلك لأنَّ ظَنَّ الإنسانِ يتحرَّك بأوَّل مخبر، ثم لا يزالُ يتزايَدُ بتزايُدِ المُخْبِرِين تزايدًا خفيًّا؛ نحو: تزايد ضَوْء الصبح، وعَقْل الصبيِّ والبَدَن، حتَّى يبلغ القطْعَ واليقين؛ فلذلك: تعذَّر على القوة البشريَّة إدراكُ عَدَدٍ عنده يحصُلُ العِلْمُ، وأقلُّ العددِ الحاصِلِ منه ذلك خمسةٌ، أمَّا الأربعة فلا تكفي في عَدَدِ الجمعِ المذكور؛ لاحتياجهم إلى التزكية فيما لو شهدوا بالزِّنا؛ فلا يفيدُ قولهم العِلْم.
وذهب قومٌ إلى أن للتواتر عددا معيَّنًا لا يحصل العلْمُ بأقلَّ منه، والقائلون بذلك اختلَفوا في تَعْيينه واضْطَرَبوا.
فقيل: أقلُّه عَشَرة؛ وإليه ذهب صاحب "القواطع"(١)، [ونقله] عن
(١) هو منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي الشافعي، الشهير "بابن السمعاني" أبو المظفر الفقيه الأصولي قال ابن السبكي عنه: "الإمام الجليل العلم الزاهد الورع أحد أئمة الدنيا" ثم قال: "وصنف في أصول الفقه "القواطع" وهو يغني عن كل ما صنف في ذلك الفن … ولا أعرف في أصول الفقه أحسن من كتاب القواطع ولا أجمع" وله مصنفات أخرى أشهرها "البرهان" في الخلاف، و"الأوساط" و"المختصر" توفي سنة ٤٨٩ هـ. انظر ترجمته في "طبقات الشافعية" لابن السبكي (٥/ ٣٣٥ - ٣٤٦)، "النجوم الزاهرة" (٥/ ١٦٠) "شذرات الذهب" (٣/ ٣٩٣).