(٢) وقد قال الحافظ الذهبي في الموقظة ص (٢٨) - قبل هذا الموضع - بعد أن ذكر تعريفات الحديث الحسن والمؤاخذات عليها قال: "ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرجٌ كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياس من ذلك فكم من حديث تردد فيه الحُفاظ، هل هو حَسن أو ضعيف أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد فيومًا يصفه بالصحة، ويومًا يصفه بالحسن ولربما استضعفه وهذا حقٌ، فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يُرَقِّيَه إلى رتبة الصحيح، فبهذا الاعتبار فيه ضعفٌ ما، إذ الحسن لا ينفك عن ضَعفٍ ما، ولو انفك لصح باتفاق". وقال العلامة الألباني في الإرواء (٣/ ٣٦٣) موضحًا دقة هذا النوع من علوم الحديث وصعوبته: "إن الحديث الحسن لغيره، وكذا الحسن لذاته، من أدق علوم الحديث وأصعبها، لأن مدارهما على من اختلف فيه العلماء من رواته، ما بين موثق ومضعف، فلا يتمكن من التوفيق بينها، أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى، إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده، ومعرفة قوية بعلم "الجرح والتعديل"، ومارس ذلك عمليًا مدة طويلة من عمره، مُستفيدًا من كتب التخريجات، ونقد الأئمة، عارفًا بالمتشددين منهم والمتساهلين، ومن هم وسطٌ بينهم، حتى لا يَقعَ في الإفراط والتفريط، وهذا أمرٌ صعب، قل من يصير له، ويناله ثمرته، فلا جرم أن صار هذا العلم غريبًا بين العلماء، والله يختص بفضله من يشاء". وانظر ما ذكره الشيخ - حفظه الله - في "حواشية على "نزهة النظر"" - التي نقلها عنه الحلبي في "النكت على "نزهة النظر"" ص (٩١ - ٩٢).