للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقْتَضِي تصرُّفهم في الزيادة - قَبُولا وردًّا - الترجيحَ، ولا يُحْكُمُون في المسألة بحُكْمٍ كُلِّيٍّ".

قال: وهذا هو الحَقُّ والصواب. انتهى.

ولكنْ لا تُقْبَلُ مطلقًا؛ بل إنْ لم تكنْ منافية لروايةِ مَنْ هو أوثَقُ منه؛ بأن يكونَ أحَدُهُمَا أوْرَعَ، وأضبَطَ، وأيقَظَ من الآخر؛ لشدَّة الوثوق بِمَنْ اتَّصَفَ بواحد من هذه الأوصاف على مَنْ لم يَتَّصِفْ؛ ولذلك رجَّح أصحابُ الشافعيِّ (١) رواية مالكٍ وسفيانَ عن أبي حازم حديثَ: "زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ" (٢) على رواية عبد العزيز بْنِ أبي حازم،


(١) وترجيحهم هذا بناءً على القول بعدم قبول الزيادة مطلقًا وإنما القبول والرد بحسب القرائن، وقد أنكر الحافظ ابن حجر على بعض الشافعية الذين أطلقوا القول بقبول الزيادة خلافا للشافعي فقال: "و أعجب من ذلك - أي من قبول الزيادة مطلقًا - إطلاق كثير من الشافعية القول بقبول زيادة الثقة، مع أن نص الشافعي يدل على غير ذلك؛ فإنه قال في أثناء كلامه على ما يُعتبر به حال الراوي في الضبط ما نصه: "و يكون إذا أشرك أحدًا من الحفاظ لم يخالفه، فإن خالفه فوُجد حديثه أنقص كان في ذلك دليل على صحة مَخْرَج حديثه، ومتى خالف ما وصفت أضر ذلك بحديثه" انتهى كلامه. ومقتضاه أنه إذا خالف فوُجد حديثه أزيد أضر ذلك بحديثه، فدل على أن زيادة العدل عنده لا يلزم قبولها مُطلقًا، وإنما تُقبل من الحافظ، وجَعَل نُقصان هذا الراوي من الحديث دليلا على صحته، لأنه يدل على تحريه وجَعَل ما عدا ذلك مُضرًا بحديثه، فدَخَلت فيه الزيادة، فلو كانت عنده مقبولة مُطلقًا، لم تكن مضرةً بحديث صاحبها". اه من "نزهة النظر" ص (٣٤ - ٣٥)، و"النكت على ابن الصلاح" (٢/ ٦٠٤). و"شرح علل الترمذي" (١/ ٤٢٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>