للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جملة القَيْد؛ لعدم القبول، والحامل على ذكره: أنه بصدد الشذوذ، فإن خالف الراوي للصحيحِ والحَسَن بروايتِهِ روايةَ مَنْ هو أرجَحُ منه بالحفْظِ والإتقان (١)، وكثرةِ الأدلَّة - خلافًا للحنفَّيةِ لأنها تفيدُ تقوية الظنِّ، والظَنان أقوَى من الظنِّ الواحد؛ لكونه أقرَبَ إلى الضبْطِ، أو بكثرة الرواة (٢)؛ لأنَّ كَثْرتهم تُفِيدُ القُوَّة، على الصحيحِ، وقيل: لا؛ كالبينتَيْن، وفرق: بأن المقصودَ من الشهادة فَصْلُ الخصومة؛ لئلا تطول، فضبطَتْ بنصاب خاصٍّ، واعتبارُ الترجيح بالكَثْرة يؤديِّ إلى التَّطْويلِ المنافي لشَرْعيَّتها؛ بخلاف الدليل؛ فإنَّ مقصودَهُ ظَنُّ الحكُمْ، والمجتهد في مُهْلة النظر، وكلَّما كان الظنُّ أقْوَى، كان بالاعتبارُ أَوْلَى، وأمثلةُ ذلك كثيرةٌ ظاهرةٌ.

ومِنَ الترجيح بكثرة الرواةِ: قولُ الشافعيِّ في "الرسالة (٣) "إنَّ الأخْذَ


(١) قال في "شرح الكوكب": من المرجحات أن يكون أحد الراويين. راجحًا على الآخر في وصف يغلب على الظن صدقه فيرجح بالأزيد ثقة وبفطنة، وورع، وعلم، وضبط … " (٤/ ٦٣٥) وانظر شرح جمع الجوامع للزركشي (٣/ ٤٩٨)، و"الإبهاج" (٣/ ٢٢٢)، و"قواعد التحديث" (٣١٤).
(٢) قال في "شرح الكوكب المنير": "اعلم أن الذي عليه الأربعة والأكثر: أن السند يُرجح بالأكثر رواة، وهو بأن تكون رواته أكثر من رواة غيره، لأن العدد الكثير أبعدُ عن الخطأ من العدد القليل، لأن كل واحدٍ من الكثير يفيدُ ظنًا، فإذا انضم إلى غيره قوي فيكون مقدمًا لقوة الظن. قال: "و قدم ابن برهان الأوثق على الأكثر، قال المجد - أي ابن تيمية - وهو قياس مذهبنا"، وخالف الكرخي وغيره، فقال: لا يرجح بالكثرة، وذكره ابن عقيل في بعض الشافعية، ونقله صاحب "الميزان" من الحنفية عن أكثر الحنفية انظر مناقشة الأقوال والأدلة في "شرح الكوكب" (٤/ ٦٢٨)، "فواتح الرحموت" (٢/ ٢١٠)، "تيسير التحرير" (٣/ ١٦٩)، "المحلي على جمع الجوامع" (٢/ ٣٦١).
(٣) هو كتاب "الرسالة" للإمام الشافعي وهو يُعتبر أول كتاب صُنف في أصول الفقه "قال الشيخ شاكر" أول كتاب ألف في أصول الفقه، بل هو أول كتاب ألف في أصول الحديث أيضًا. وهي مطبوعة بتحقيق العلامة أحمد شاكر .

<<  <   >  >>