للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لا حاجة إليه؛ لأن الكلام في زيادة راوي الصحيحِ والحَسَنِ، والذي فيه زيادَةٌ منافيةٌ لرواية مَنْ هو أوثَقُ منه، ليس بصحيحٍ ولا حسَنٍ؛ فهو خارجٌ عن حكم المقبولِ مِنْ غير تَقْييد، وأيضًا: يفهم منه أنَّه إذا وقعَتْ منافيةً لرواية مَنْ هُوَ دونه تفيدُ. وليس كذلك؛ بل يُتَوَقَّفُ فيها.

والجوابُ عن الأوَّل: أنَّ الكلام في الزيادة مطلقًا، وهي تنقسم إلى قسمَيْن: قِسْمٌ مقبولُ الزيادة، وقسمٌ شاذٌّ غيْرُ مقبول الزيادة؛ فلا بُدَّ من التقييد؛ ليخرج الثاني، وكَوْنُ راويِهِ راوِيَ الصحيحِ لا يستلزمُ صِحَّةَ هذا الذي منشأُ الاعتراضِ عليه؛ على أن قوله: "و الَّذِي فيه الزيادَةُ منافية … " إلى قوله: "لَيْسَ بصحيح ولا حسن" -: ليس في محلِّهِ؛ لأن المتصِفَ بعدم الصحَّة الزيادَةُ فقطْ، لا الذي فيه الزيادَةُ، وإن كان المقرَّرُ أنَّ المركَّب من الأعلى والأدْنَى أَدْنَى.

وعن الثاني: أنَّ المراد من القَبُولِ عدمُ الرَّدِّ، ومعلومٌ: أنَّ التوقُّف لا يقتضي الردَّ، بل يقتضي عَدَمَ العملِ فقَطْ؛ وذلك أن نقول:

قَوْلُهُ: "لمن أوثق" مذكورٌ لبيان المرجِّح (١) فقط، وليس من


(١) ذكر الشارح هنا جملةً في المرجحات وقد ذكرها بعض المحدثين في باب مختلف الحديث وذكر الحازمي في كتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" خمسون وجها وقد نقل الحافظ العراقي جملة المرجحات التي ذكرها الحازمي وزاد عليها فأوصلها إلى (١١٠) وقسمها السيوطي في التدريب إلى سبعة أقسام. انظر "التقييد والإيضاح" (٢٨٦)، "فتح المغيث" للعراقي (٣٣٩)، "تدريب الراوي" (٢/ ١٩٨).
وأصل هذه المرجحات من مباحث علم أصول الفقه قال الفتوحي: "الترجيح هو تقوية إحدى الإمارتين على الأخرى لدليل، ولا يكون إلا مع وجود التعارض، فحيث انتفى التعارض انتفى الترجيح، لأنه فرعُه، لا يقع إلا مرتبًا على وجوده، وقال ابن مفلح: الترجيح هو اقتران الأمارة بما تَقْوَى به على معارضها". اه شرح الكوكب (٤/ ٦١٦)، وانظر "جمع الجوامع مع المحلى" (٢/ ٣٦١)، "التعريفات" للجرجاني ص (٣١).

<<  <   >  >>