للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبفقه الراوي (١)، سواءٌ كان الروايةُ بالمعنَى أو باللفظ؛ لأن الفقيه يميِّز بين ما يجوز إجراؤُهُ على ظاهرِهِ وبَنْنَ ما لا يجوزُ؛ بخلاف الجاهل.

وبشُهْرة العدالة؛ بحيثُ لا يحتاجُ إلَى تزكية؛ فيقدَّم على من عُرِفَتْ عدالتُهُ بالتزكية؛ لأنه ليس الخَبَرُ كالعِيَان. (٢)

وبكَوْنه ذَكَرًا لأنه أضبَطُ في الجملة (٣)؛ فيقدَّمُ على خبر الأنْثَى،


(١) أي ومن المرجحات الترجيح "بفقه الراوي، سواء كانت الرواية بالمعنى أو باللفظ، ومنهم من قال: إن روى باللفظ فلا يرجح بذلك، والصحيح الأول؛ لأن للفقيه مزية التمييز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز بخلاف الجاهل" اه
من "شرح جمع الجوامع" للزركشي (٣/ ٤٩٧).
(٢) قال ابن الصلاح: "عدالة الراوي تارة تثبت بتنصيص المعدلين على عدالته، وتارة تثبت بالاستفاضة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانه استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصًا وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه.
وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ، ومَثَّل ذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، فلا يُسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم، وإنما يُسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين" ""مقدمة ابن الصلاح"" (١٣٧) مع "التقييد والإيضاح" وانظر "الكفاية" ص (٨٦) "تدريب الراوي" (١/ ٣٠١).
ومن ذلك أن الإمام أحمد سئل عن إسحاق بن راهويه فقال: مثل إسحاق يُسأل عنه؟ وسئل ابن معين عن أبي عُبيد فقال: مثلي يُسأل عن أبي عُبيد؟ أبو عبيد يُسأل عن الناس "انظر "تدريب الراوي" (١/ ٣٠٢).
(٣) ومن المرجحات كون الراوي ذكرًا، قال الزركشي: "بكونه ذكرًا يرجح على رواية المرأة، لأن الضبط مع الذكورة أشد، هذا ما رجحه المصنف - أي السبكي - وهو ضعيف، والصواب ما قاله الأستاذ، أنه لا يرجح بها، وقال ابن السمعاني في القواطع: "إنه ظاهر المذهب، ولم يذكر الأول إلا احتمالا له وحكى الكيا الطبري الاتفاق عليه، فقال: اعلم أننا لا ننكر تفاوتًا بين الذكور والإناث في جودة الفهم وقوة الحفظ، ومع هذا كله لم يقل أحد؛ إن رواية الرجال مُرجَحة على رواية النساء، ولم نر أحدًا من المتقدمين ذكره مع استقصائهم وجوه الترجيح، وكأن المانع من ذلك أن الذي يقتضي الترجيح يجب رجوعه إلى عين ما وقع الاحتجاج به، ويظهر به التفاوت بين المتعارضين، والتفاوت بين الذكور والإناث في قوة الحفظ أمرٌ كلي، يرجع إلى الجنس، كما يقال: الفرس أعقل، وهذا النوع لا يظهر رجوعه إلى آحاد الجنس، فلا يقع التفاضل وقد يفرض امرأة أضبط من الرجال، أو أحفظ فإذا لم يظهر التفاوت في غير الخبر لم ينظر إلى الجنس، وإنما ينظر إليه في تمهيد الصواب، وذلك في الشرع كما فعل في شهادة النسوة مع الرجال، وهذا مقطوعٌ به لا ريبة فيه" انتهى قال الزركشي: "و في المسألة مذهبٌ ثالث: التفصيل بين أن يكون المروي في أحكام النساء فيقدمن على غيرهن، لأن همتهن إلى حفظه أكثر، وإن كان في أحكام غيرهن قدم، حكاه الأستاذ". اه "شرح جمع الجوامع" (٣/ ٥٠٦ - ٥٠٧) وانظر "قواطع الأدلة" (٢/ ١٧٨).

<<  <   >  >>