للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنْ وُجِدَ متْنٌ يُشْبِهُهُ - أي: يشبه ما يُظَنُّ أنه فرْدٌ نسبي - لفظًا ومعنًى، بل ولو كانتِ المشابهةُ في المعنَى فقطْ، ولكنْ كان ذلك المُشَابِةُ من رواية صحابيٍّ آخَرَ -: فهو - أي: المَتْنُ المشابه - يقال له: الشاهد.

فالفرْقُ بينه وبَيْن المُتَابِعِ بالصحابيِّ فقطْ فَكُلُّ مَا جاء عن ذلك الصحابيِّ: فمتابِعٌ، أو عَنْ غيره: فشاهد، وقد مثَّل له قوْمٌ برواية ابن وَعْلَةَ، وجعلها شاهدًا لعطاء؛ بناءً على مذهَبِ من لم يَقْصُرْهُ على ما جاء من صحابيٍّ آخر، أما من يَقْصُرُهُ - وعليه الجمهورُ؛ كما مَرَّ - فعندهم هذه الروايةُ ليست شاهدٌ لعطاء؛ ولهذا عدل الحافظُ ابن حَجَرٍ في شرحه عن التمثيل به إلى حديثٍ فيه المتابَعَةُ التامَّة والقاصرة، والشاهِدُ باللفْظِ والشاهدُ بالمعنَى؛ فمثَّل به (١)، وهو ما رواه الشافعيُّ، عن مالك، عن عبد الله بن دِينَار، عن عبد الله بن عُمَرَ أنَّ رَسُولَ الله قال: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وعشْرُونَ؛ فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ" فإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ" (٢)؛ و رواه عِدَّة من أصحاب مالك، بلفظ: "فَاقْدُرُوا لَهُ" (٣)، قال البيهقيُّ (٤): تفرَّد الشافعي بقوله: "فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ" (٥)، فنظرْنَا، فوجدنا البخاريَّ رواه بلفظِ الشافعيِّ؛ فقال: "حدَّثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ، حدَّثنا مالكٌ" إلى


(١) "نزهة النظر" ص (٣٦).
(٢) أخرجه مالك (١/ ٢٨٦)، والبخاري (٤/ ٦١٤) كتاب الصوم باب قول النبي : إذا رأيتم الهلال فصوموا. رقم (١٩٠٧)، ومسلم (٢/ ٧٥٩) من حديث ابن عمر.
وهو عند الشافعي في "المسند" (١/ ٢٧٢).
(٣) أخرجه البخاري (٤/ ١٠٢)، ومسلم (٢/ ٧٥٩) ومالك (١/ ٢٨٦).
(٤) ينظر "السنن الكبرى" (٤/ ٢٠٥).
(٥) أخرجه الشافعي في "المسند" (١/ ٢٧٢)، من طريق مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به، وهذه رواية مالك والبخاري.

<<  <   >  >>