للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخره؛ فهذه متابَعَةٌ تامَّة لما رواه الشافعيُّ، ودلَّ هذا على أنَّ مالكًا رواه عن عبد الله ابن دينار باللفظَيْن، وقد توبع فيه عبد اللهِ بْنُ دينارٍ، عن ابن عمر، حيث رواه مسلمٌ من طريق أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر بلفظ: فَاقْدُرُوا ثَلاثِينَ (١)، ورواه ابن خُزَيْمة، من طريق عاصم بن محمَّد بن زَيْد، عن أبيه، عن جَدِّه ابن عمر، بلفظ: فَكَمِّلُوا ثَلاثِينَ (٢)؛ فهذه متابَعَةٌ قاصرةٌ، وله شاهدانِ:

أحدهما: مِنْ حديث ابن عباس؛ رواه النَّسَائِيُّ من طريقِ عَمْرو بن دينار، عن محمَّد بن حُنَيْن، عن ابن عباس، بلفظ حديث ابن دينار، عن ابن عمر: سوًاء. (٣)

وهذا مثالٌ للشاهد باللفْظِ والمعنَى.

وثانيهما: مِنْ حديثِ أبي هريرة رواه البخاريُّ (٤)، عن آدَمَ، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، بلفظ: "فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثينَ لِلصَّوْمِ، وشَهْرِ رَمَضَانَ ثَلاثِينَ لِلْفِطْرِ"؛ فوافق رواية: "فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ" في المعنَى؛ فعلى هذا: لا يَبْقَى الحديثُ فَرْدًا نسبيًّا من طريقِ الشافعيِّ؛ لكنْ قيل: معناه: قدِّروا له المنازلَ؛ فإنه يّدُلُّكُمْ على أنَّ الشهر تسع وعشرون، قال ابن سُرَيْج (٥): "هذا خطابٌ


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١١) ومسلم (٣/ ١٢٢)، النسائي (٤/ ١٣٤)، ابن خزيمة (١٩١٣).
(٢) "صحيح ابن خزيمة" (١٩٠٩).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٢١) والنسائي (٤/ ١٣٥) والحميدي (٥١٣) من طريق عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس به.
(٤) أخرجه البخاري (١٩٠٩).
(٥) هو أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي الشافعي صاحب المصنفات تفقه بأبي القاسم عثمان بن بشار الأنماطي الشافعي، صاحب المزني، وبه انتشر مذهب الشافعي ببغداد، وتخرج به الأصحاب. حدث عنه: أبو القاسم الطبراني وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن الغطريف الجُرجاني وغيرهم وتوفي سنة ثلاث وثلاث مئة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (٤/ ٢٨٧)، "طبقات الشافعية الكبرى" (٣/ ٢١)، "شذرات الذهب" (٢/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>