للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمن خصَّه الله تعالى بهذا العِلْمِ" (١) أي علم النجوم؛ ولعلَّ كونه فردًا نسبيًّا باعتبار هذا المعنَى،

فإن قيل: "لِمَ ترك المصنِّف اعتبارَ المشابَهَةِ باللفْظِ فقطْ؛ مع أنه يُمْكِنُ أن يكونَ لكلٍّ من المتنَيْن لفْظٌ واحدٌ أريدَ بُكلٍّ منهما معنًى مغايِرٌ للآخَرِ؟ ".

قلتُ: إنَّ مِثْلَ ذلك لا يسمَّى شاهدًا، ولا يسمَّى متابِعًا؛ لأن العِبْرة بالمعاني؛ إِذِا الألفاظ قَوَالِبُ لها، مع أنَّ ذلك نادر، بل غيْرُ موجودٍ؛ كما يشهد لذلك التتبُّع.

واعلَمْ: أنَّ العراقيَّ ذهب: "إلى أنَّ المتابِعَ مختصٌّ بما كان باللفْظِ، سواءٌ كان في رواية ذلك الصحابيِّ أم لا، وأنَّ الشاهِدَ مختصٌّ بما كان بالمعنَى كذلك، وأنَّه قد يطلق على المتابعة القاصرة" (٢)؛ وقد نَقَلَ ذلك الحافظُ ابن حَجَرٍ في شرحه (٣)؛ لكنْ رجَّح ما عليه الجُمْهُور، ثُمَّ قال: "و قَدْ يُطْلَقُ" كُلُّ منهما على الآخر، والأمْرُ فيه سهل" (٤). انتهى، وإنما كان سهلا؛ لأنَّ المقصودَ - الذي هو التقويةُّ - حاصلٌ بكلٍّ منهما؛ سواء سُمِّيَ متابِعًا أم شاهدًا، وما لم يكنْ له متابِعٌ ولا شاهدٌ يبقَى على فَرْدِيَّتِهِ، وينقسمُ بعد ذلك إلَى ما انقسَمَ إليه، أعني: الشاذَّ والمُنْكَر

وممَّنْ صرَّح بكيفية الاعتبار: ابنُ حِبَّانَ؛ حيث قال: "مثاله أن يَرْوِيَ


(١) انظر "شرح صحيح مسلم" للنووي (٧/ ١٨٩).
(٢) "فتح المغيث" ص (٩١) للعراقي.
(٣) "نزهة النظر" ص (٣٧) لكنه لم يصرح بنسبته للعراقي.
(٤) "نزهة النظر" ص (٣٧).

<<  <   >  >>