أما كتابه فهو: "تأويل مختلف الحديث" وقد صَدَّرَ كتابه بمقدمةٍ طويلة ذكر فيها أن تأليفه للكتاب جاء تلبيةً لطلب من أراد منه الرد على "ثلب أهل الكلام أهل الحديث وامتهانهم، وإسهابِهم في الكتب بذمهم" فبين في هذه المقدمة وصف أصحاب الكلام، وأظهر مثالبهم، وناقش بعض المسائل التي خالف فيها أهل الكلام صريح الأدلة، وصحيح المنقول عن رسول الله، وإجماع الأمة. ثم بين فضل أهل الحديث، وتحريهم في النقل عن رسول الله ﷺ والتزامهم بالسنة في أعمالهم، وأن الاقتداء بهم والأخذ عنهم هو طريق الرشاد. وبعد المقدمة ذكر جملة من الأحاديث التي ادعى فيها التناقض والاختلاف؛ فأظهر وجه التألف بينها، وأجاب على ما قيل من شبه على بعض الأخبار، وذكر أيضًا مجموعة من الأحاديث التي أشكل فهمها، فأبان معناها، أو الأحاديث التي تتعارض في ظاهرها مع الكتاب أو الإجماع أو القياس، فأبان عدم تعارضها، فجاء كتابه متضمنًا لمختلف الحديث ومشكله، ولم يكن مختصًا بمختلف الحديث فقط. كما أنه لم يرتب ما أورد من أحاديث على أبواب الفقه، وإنما أوردها بحسب ما يخطر له وقد سد ابن قتيبة ﵀ بكتابه هذا ثغرة اصطنعها بعض المعتزلة وغيرهم من المعتزلة. إلا أنه انتقضت عليه بعض المسائل في كتابه نظرًا لأنه كان الغالب عليه معرفة اللغة والأدب ولم يكن من المتمرسين في معرفة الحديث، قال العراقي: "أتى بأشياء حسنة وقصر باعه في أشياء قصر فيها". "فتح المغيث" ص (٣٣٦) وانظر "تدريب الراوي" (٢/ ١٩٦) "الرسالة المستطرفة" (١١٩).