للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما في تعارُضِ البَيِّنَتَيَنْ؛ وهذا هو المختارُ الذي ذهب إليه كَثِيرٌ من الفقهاء؛ واختاره القاضي زكريا (١) وغيره، وقد يُخَيَّرُ بينهما في العمل، وهو ما ذَهَبَ إلَيْه القاضي أبو بَكْر، (٢) وأبو عليٍّ (٣)، وابنه أبو هاشم؛ (٤) ورجَّحه العَلامة البرماويُّ (٥)، وقيل: يُوقَفُ عن العمل بالواحد منهما؛ كما في تعارُضِ البيِّنَتَيْن على قولٍ، وقيل: يخيَّر بينهما في الواجباتِ، ويتساقَطَان (٦) في غيرها.

و قد توقَّف الأئمَّةُ الأربعة في مسائِلَ معلومةٍ عِنْدَ الفقهاء.

و التعبيرُ عنه بالتوقُّف أَوْلَى من التعبير بالتساقُطِ؛ كما هو المشتهِرُ على [الألسنة]؛، من "أنَّ الدليلَيْن إذا تعارَضَا تساقطا؛ لأنَّه يُوهِمُ الاسْتِمْرارَ؛ مع أنَّه ليس كذلك؛ لأن سقوطَ حُكْمهما إنما هو لعَدَمِ ترجيحِ أَحَدِهما، ولا يلزمُ منه استمرارُ التساقُطِ، مع أنَّ إطلاق التساقُطِ على الأدلَّة الشرعيَّة خارجٌ عن سَنَنِ الآداب، ولأنَّ خفاءَ ترجيحِ أَحَدِهِما على الآخر إنما هو بالنِّسْبة للمُعْتَبِرِ مع احتمالِ أَنْ يظهَرَ لغيره، ماخفي عليه. (٧) "


(١) هو القاضي زكريا الأنصاري وقد تقدمت ترجمته.
(٢) هو القاضي أبو بكر الباقلاني، وقد تقدمت ترجمته.
(٣) هو أبو علي الجبائي وقد تقدمت ترجمته.
(٤) هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي معروف بأبي هاشم، متكلمٌ من رؤوس المعتزلة، ألف كتبًا كثيرة منها: تفسير القرآن، والجامع الكبير والأبواب الكبير توفى سنة ٣٢١ هـ
انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" (٢/ ٣٥٥)، "شذرات الذهب" (٢/ ٢٨٩).
(٥) هو محمد بن عبد الدايم بن موسى النعيمي المعروف بشمس الدين البرماوي وقد تقدمت ترجمته ص ١٦٢.
(٦) سيأتي انتقاد المصنف لهذا التعبير.
(٧) انظر "نزهة النظر" ص (٣٩) وشرح "نزهة النظر" ص (١٠٥) لعلي القاري.

<<  <   >  >>