للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقع في الذبال المشتعل، فإنه عند مقاربة انطفائه يومض إيماضه توهم أنها اشتعال وهي انطفاء. (١)

وقد كان محمود شكري حائرًا بين الرضى -بدولة الخلافة العثمانية- والكره لها، ومن أسباب رضاه بها أنها كانت في هذا الشرق، طوال خمسة قرون موئل المسلمين، وحامية الإسلام والحصن المنيع الذي قام بوجه الغرب المتحضر للاستيلاء على دياره وإخضاعها لسلطانه الذي قد يتعذر الخلاص منه إذا هي وقعت في قبضته.

فإذا زالت هذه الخلافة، يزول معها الوجود السياسي للإسلام، ويحدث بعدها فراغ في الحياة الإسلامية يُهدَّدُ بملئه بحياة أخرى مكانها أو يعرضها لمصاير منكرة لا طاقة لأحد بدفعها، أو هكذا كان يخيلُ إليه.

وأما باعثه على كرهها، فهو الفساد الذي أصاب حياة الدولة في أخريات أيامها، وكان قد استشرى، وجاوز المدى، وبلغ الحدِّ الذي جزع منه الأحرار، وعلاهم القنوط من إصلاحه ولم تغن معه حيلة، ولا ريب أن حزم الحازم يضيع في مثل هذين الحالين مهما ملك الإنسان صوابه ورشده، ولا تكون في أحدهما خيرة المختار. (٢)

هذه هي الصورة العامة للدولة التركية قد انعكس بخيرها وشرِّها على حياة العراق موطن الألوسي، وقد تميز عهده في العراق بكثيرة تبديل الولاة … وقد تراوحت مدد هؤلاء الولاة في مناصبهم من شهور إلا ثلاث سنين، وقلَّ من تجاوز ذلك، وكانوا متفاوتين في الثقافة وأسلوب


(١) محمود شكري الألوسي وآراؤه ص (٤ - ٥).
(٢) محمود شكري وآراؤه ص (٣).

<<  <   >  >>