للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو يريدُ نَهْر عيسى (١) ب"بغداد"، أو الجِيَزة (٢) ب"مصْر"؛ لكنه لا يخلُو عن كراهةٍ، وإن كان صحيحًا في نَفْس الأمْرِ؛ لإيهامه الكَذِبَ بالرِّحْلة، ولما فيه من التشبُّع بما لم يُعْطَ.

و الحاصلُ: أنَّ التدليس بأقسامِهِ مذمومٌ، حتى قال الشافعيُّ راويًا عن شُعْبة بن الحَجَّاج (٣) "إنَّ التدليسَ أخُو الكَذِبِ" (٤) ولأَنْ أَزْني أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلَّسَ" (٥)، ولم ينفردْ شعبةُ بذمِّه؛ بل شاركَهُ فيه غيره، وقال الشافعي: "مَنْ عُرِفَ بالتدليسِ مَرَّةً، لا يُقْبَلُ منه ما يُقْبَلُ من


(١) نهر عيسى: نسبة إلى عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، وهي كورة وقرى كثيرة وعمل واسع في غربي بغداد يُعرف بهذا الاسم، ومأخذه من الفرات معجم البلدان (٥/ ٣٢٢).
(٢) الجِيزَةُ: بالكسر، والجيزة في لغة العرب، الوادي أو أفضل موضع فيه … والجيزة بليدة في غربي فسطاط مصر قبالتها، ولها كورة كبيرة واسعة، وهي من أفضل كور مصر، وقد نسب إليها قومٌ من العلماء منهم الربيع بن سليمان الجيزي. معجم البلدان (٢/ ٢٠٠).
(٣) هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم، أبو بِسْطام الواسطي، ثم البصري أمير المؤمنين في الحديث روى عن: أبان بن تغلب، وأنس بن سيرين، وأيوب السختياني، وحميد الطويل والسفيانين، والأعمش، وعنه: يحيى القطان، وابن مهدي، ووكيع وابن المبارك وآخرون قال الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث، وقال ابن سعد: كان ثقةً مأمونًا ثبتًا، حجة، صاحب حديث، وقال: توفي سنة ستين ومئة.
(٤) رواه عنه الشافعي كما في الكفاية ص (٣٥٥)، ومقدمة "الكامل" ص (١٦٥)، و"جامع التحصيل" (١١١).
(٥) رواه عنه المعافى بن عمران كما في "الكفاية" (٣٥٥) وانظر المزيد من الكلام على ذم شعبة للتدليس وفقه عباراته في "النكت على ابن الصلاح" (٢/ ٦٢٨) وما بعدها.

<<  <   >  >>