للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوَّز الكَرَّاميَّة (١) وَضْعَهُ؛ ترغيبًا وترهيبًا؛ زجَرًا عن المعصية؛ محتَجِّين في ذلك بأنَّ الكَذِبَ في الترغيب والترهيب للنبيِّ لكونه مقويَّا للشريعة، لا عَلَيْهِ، والكذبُ عليه إنما هو كأنْ يقالَ: إنه ساحرٌ أو مجنونٌ أو نَحْوُ ذلك؛ تمَّسكُوا في ذلك بخبر: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ لِيُضِلَّ النَّاسَ فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (٢)، وتمسُّكُهم مردودٌ؛ لأن ذلك كذبٌ عليه في موضعٍ الأحكامِ؛ فإنَّ المندوب منها، ويتضمَّن ذلك الإخبارَ عن الله تعالَى بالوَعْد على ذلك العَمَلِ بالثواب، ولأنَّ لفظةً "لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ" اتفق


(١) هم أتباع محمد بن كرام السجستاني، لهم اعتقادات باطلةٌ زائغة قال الذهبي عنهم وعن شيخهم: "حتى التقط من المذاهب أرداها، ومن الأحاديث أوهاها … كان يقول: الإيمان هو منطق اللسان بالتوحيد، مجرد عن عقد قلب، وعمل جوارح، وقال خلقٌ من أتباعه أن الباري جسمٌ لا كالأجسام، وأن النبي تجوز منه الكبائر سوى الكذب … وقد سجن ابن كرام ثم نُفي، وكان ناشفًا عابدًا، قليل العلم، وكانت الكرامية كثيرين بخراسان ولهم تصانيف، ثم قلوا وتلاشوا، نعوذ بالله من الأهوا" "السير" (١١/ ٥٢٣).
(٢) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (١/ ٨٣) من طريق الفزاري عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء به والفزاري هو محمد بن عبيد الله العرزمي وهو متروك وله شاهد من حديث عمرو بن حريث
أخرجه الطبراني في الكبير - كما في المجمع (١/ ١٤٦) وقال الهيثمي: وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف
وله طرق أخرى ذكرها الشيخ الألباني في الضعيفة (١٠١١) وحكم بنكارة هذه اللفظة: "ليضل به الناس"
وينظر "الكامل" لابن عدي (١/ ٨٣ - ٨٤).

<<  <   >  >>