للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتصوِّفة، ومعهم شيخٌ، فقال: هذا الشيْخُ حدَّثني به، فقلت له: يا شيْخُ، مَنْ حدَّثَكَ بهذا؟ فقال: لم يحدِّثْنِيِ به أحدٌ، ولكنَّا رأينا الناسَ رَغِبُوا عن القُرْآنِ، فوضَعْنَا لهم هذا الحديثَ؛ ليَصْرِفُوا قلوبَهُمْ إلى القرآن.

و قد أخطأ مَنْ وضع ذلك، في تفسير ونحوِهِ، لاسيَّمَا الزمَخْشَرِيُّ (١)، ومَنْ تبعه؛ كالبَيْضاويِّ (٢) ونحوه؛ حيث أوردوه بِصِيغَةِ الجَزْم، ولم يبرز سنده.


(١) هو محمود بن عمر بن حمد أبو القاسم الزمخشري النحوي من شيوخه: أبو نصر محمد بن جرير، وأبو الحسن علي بن المظفر النيسابوري وأبو مضر الأصفهاني، وغيرهم
قال السمعاني: برع في الأدب، وصنف التصانيف، ورد العراق وخراسان، ما دخل بلدًا إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان علامة نسابةً، جاور مدة حتى هبت على كلامه رياح البادية مات ليلة عرفة سنة ثمانٍ وثلاثين وخمس مئة.
وقال ابن خليكان: له الفائق في غريب الحديث، وربيع الأبرار، وأساس البلاغة، ومشتبه أسامي الرواة … و غيرها. قال الذهبي: كان داعية إلى الاعتزال.
انظر ترجمته في: "الأنساب" (٦/ ٢٩٧)، "الكامل" (١١/ ٩٧). "وفيات الأعيان" (٥/ ١٦٨)، "سير أعلام النبلاء" (٢٠/ ١٥١). "شذرات الذهب" (٤/ ١١٨).
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن تفسيره: "و أما الزمخشري فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات والرؤية والقول بخلق القرآن، وأنكر أن الله مريد الكائنات، وخالق لأفعال العباد، وغير ذلك من أصول المعتزلة"، ثم ذكر أصولهم الخمسة وتكلم عليها ثم قال: "و هذه الأصول حشا بها الزمخشري كتابه بعبارة لا يهتدي أكثر الناس إليها، ولا لمقاصده فيها، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة، ومن قلة النقل عن الصحابة والتابعين". اه مقدمة في أصول التفسير ص ١٠٤ وانظر مقدمة ابن خلدون ص (٤٩١) ومباحث في علوم القرآن - للشيخ مناع القطان ص ٣٨١.
(٢) البيضاوي هو ناصر الدين أبو الخير عبد الله بن عمر البيضاوي وقد تقدمت ترجمته.
أما تفسيره، فهو تفسير متوسط الحجم، جمع فيه بين التفسير والتأويل، على مقتضى قواعد اللغة العربية، وقد اختصر البيضاوي تفسيره من الكشاف للزمخشري، ولكنه ترك ما فيه من إعتزالات، وإن كان أحيانًا يذهب إلى ما يذهب إليه صاحب الكشاف، كما أنه وقع فيما وقع فيه صاحب الكشاف من ذكره في نهاية كل سورة حديثًا في فضلها وما لقارئها من الثواب والأجر عند الله، وكذلك استمد من التفسير الكبير للرازي، وتفسير الراغب الأصفهاني؛ وضم لذلك بعض الأثار الواردة عن الصحابة والتابعين، كما أنه يتعرض عند أيات الأحكام لبعض المسائل الفقهية بدون توسع منه في ذلك. إضافة إلى بعض النكات واللطائف والاستنباطات الدقيقة التي حلى بها كتابه.

<<  <   >  >>