للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عن المدة التي استمر فيها صوفيًّا: «استمر السيد على هذه الطريقة العوجاء متأثرًا بها مدة من الزمن ليست بالقليلة، لا يكاد يلويه عنها أحمد حتى بوقت له بارقة اليقين -وقد سنه الثلاثين- من سماوات كتب بعض المجتهدين». (١)

الطور الثاني: كان فيه مازجًا بين الصوفية والسلفية، أو طور المجاملة ويظهر أن هذه المرحلة لم تستمر معه طويلًا، وهذا هو المتوقع من عالم مثل أبي المعالي الذي يتمتع بعقلية نيرة ونفس طُلَعة، ومن كانت هذه صفته فإنه إذا بدأ الشيء لا تستريح نفسه إلا إلى النتيجة النهاية فيه، ومن أهم الأسباب في بداية تحوله كثرة المطالعة والتنقيب والاجتهاد.

يقول الأستاذ الأثري: «لما بلغ الألوسي هذا الطور من حياته، واتسعت آفاقه الذهنية والعلمية رأيناه يبدأ حالًا جديدة من أحوال التفكير والنزعات المذهبية المختلفة، .... وقد استقر اجتهاده -في جملة ما كان يمارسه من بحث ونظر واجتهاد- على الوقوف بوجه بعض هذه العقائد والنزعات وإدحاضها والبراهين». (٢)

ويقول عن موقفه من التصوف في هذا الطور: «ووقف من التصوف موقفًا وسطًا في بادئ الأمر، لا متشيعًا له ولا خارجًا عليه، كما تمثل ذلك في كتابه «الأسرار الإلهية شرح القصيدة الرفاعية» الذي كتبه سنة ١٣٠٥ هـ؛ فقبل منه ما وافق الكتاب والسُّنَّة، لكنه قال بالعلم بالباطن «الذي لم يسطر في


(١) المصدر نفسه ص (٩٩)، والمنار (م ٢٥/ ٣٧٩).
(٢) محمود شكري الألوسي وآراؤه ص (٧٦).

<<  <   >  >>