للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابه؛ ومسبِّبًا لتَرْك خِطَابِه، سِيَمَا في هذا الزَّمَنِ الذَّيِ قَلَّتْ فيه الرَّغَبَات؛ وكثُرَ فيه الأَخْذ والمعاطات".

واعلَمْ: أنَّ الذي تركَهُ المصنِّف أكثَرُ ممَّا ذكره؛ لأن أنواعَ الحديِثِ كثيرةٌ؛ فقد نقل الجَلَال السيوطيُّ (١) في شرحه على ألفيَّته في هذا الفَنِّ عن الحازميِّ (٢)؛ أنه قال في "العُجَالة" (٣) "عِلْمُ الحديث يشتَمِلُ على أنواع كثيرةٍ تبلُغُ مائة، كُلُّ نوعٍ منها عِلْمٌ مستقلٌّ، لو أنفق الطالبُ فيه عُمُرَهُ، لم يدركْ نهايتَهُ" (٤).

و الذي ذكَرَهُ ابن الصلاح منها: خمسةٌ وسِتُّونَ نوعًا؛ ثم قال: "و لَيْسَ ذلك بآخِرِ المُمْكِنِ في ذلك؛ فإنه قَابِلٌ للتَّنْويع إلى مالا يُحْصَى؛ إذ لا تُحْصَى أحوالُ رواة الحديث وصفاتُهُمْ، ولا أحوالُ متونِ الحديثِ


(١) تقدمت ترجمته والكلام على شرحه لألفيته المسمى البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر.
(٢) هو أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن موسى الحازمي الهمذاني سمع من أبي الوقت السجزي، ومن شهردار بن شيرويه الديلمي، وأبي موسى محمد بن أبي عيسى المديني وغيرهم، قال الذهبي: جمع وصنف، وبرعَ في فن الحديث خصوصًا في النسب واستوطن بغداد. وقال ابن النجار: كان الحازمي من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله، ألف كتاب "الناسخ والمنسوخ" وكتاب "عجالة المبتدي في النسب" وكتاب "المؤتلف والمختلف في أسماء البلدان" اه قلت وثلاثتها مطبوعة. قال ابن النجار: وكان ثقة، حجة، نبيلاً، زاهدًا عابدًا، ورعًا ملازمًا للخلوة والتصنيف وبث العلم. مات سنة أربع وثمانين وخمس مئة وله ستٌ وثلاثون سنة. "سير أعلام النبلاء" (٢١/ ١٦٧)، و"طبقات الشافعية" (٧/ ١٣)، و "شذرات الذهب" (٤/ ٢٨٢).
(٣) هو كتاب "عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب" طبع في القاهرة سنة ١٣٨٤ هـ بتحقيق عبد الله كانون.
(٤) " العجالة" ص (٣).

<<  <   >  >>