ومُنْتَهَاه، ويتميَّز به القِشْرُ من اللُّبَاب، ويَرْتَفِعُ به عن الأبصار الحِجَاب، به يَتَبَيَّنُ ما يُقْبَلُ من الكلام، ويُعْرَفُ ما لَهُ مِنَ الأنواع والأَقْسَام؛ وتظهرُ لطائِفُه، وتَبْرُزُ نُكَتُهُ وطرائفه، وقد كَثُرَ فيه التأليف؛ وأُشْبِعَ الكلامُ عليه في التَّصَانيف، حتَّى لم يَبْقَ فيه قَوْلٌ لقائل، ولا نَظَرٌ في مسألةٍ من المسائل، وهكذا كلُّ عِلْمٍ من العلوم؛ مِنْ منطوقها والمفهوم؛ فصار المتصدِّي -اليَوْمَ- لتأليف كتاب؛ كالراقم على الماء عند ذوي الأَلْبَاب، بَيْدَ أنِّي وجَدَتُّ مَتْنًا جامعًا لعرَرِ هذا الفنِّ وقواعِدِه، حاويًا لفرائِدِ مَسَائِلِهِ وفوائِدِه، مشتملًا على مباحثَ هي لُبَابُ آراء المحدِّثين، من المتقدِّمين والمتأخِّرين، ليس له نَظيرٌ في بَابِه، ولا مُمَاثلٌ له ولا مُشَابِه، بوجازة لَفْظٍ تتحيَّرُ فيه الألباب، وحُسْنِ سَبْكٍ يُقْضَى منه العَجَبُ العُجَاب، للعالم العَلاَّمهْ؛ والكامل الفَهَّامهْ، مولانا الشَّيْخِ عبد الوَهَّابِ بَرَكَاتٍ الشَّافعيِّ الأحمديّ، عليه رحمة مولاه الأبديّ.
ولم أَظْفَرْ على شَرْحٍ له تنشرحُ قلوبُ الطَّالبِينَ بَمْكُنونِ فرائِدِه، ويَظْهَرُ من مطويِّ إشاراتِهِ مَنْشُورُ فوائِدِه، مع أنَّه لا ينبغي أن يُتْرَكَ مِثْلُ هذا ويُهْمَل، ولا يليقُ أنْ يُعْرَضَ عنه ويُغْفَل.
فحدَّثَتْنِي نَفْسي، وسَارَّني حَدْسي، بما يستوجبُ الاستغفار، ويُطْلَبُ منه الفِرَار، ممُّا تَشْتَدُّ إليه الضرورة: من شَرْحٍ يُذَلِّل من اللفظ صِعَابَه، ويكشفُ عَنْ وَجْه المعاني نِقَابَه؛ حيثُ إِنَّ ذلكَ مسلكٌ خطير، لا يَسْلُكُهُ إلا خبير، وإِنِّيٍ وإنْ بذلْتُ في تحصيل هذا الفنِّ شَطْرًا من الزمان، لَسْتُ مِنْ فُرْسَان هذا الميدان، فَضَرَبْتُ عن ذلك صَفْحًا، وخاطَبْتُ نفسي بما