للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن القيِّم (١) - قدَّس اللَّه سرَّه، ونوَّر ضريحه: "قولُ المصنِّفين: "بسْمِ الله الرحمن الرحيم، وصلى اللَّه على محمَّد وآله" قد استشكَلَهُ طائفةٌ، وقالوا: الفِعْلُ بعد الواو دعاءٌ بالصَّلاةِ، والتسميةُ قبْلَهُ خَبَرٌ، والدعاءُ لا يَحْسُنُ عطفُهُ على الخَبَرِ، فلو قلُتَ: "مَرَرْتُ بزيْدٍ، وغَفَرَ الله لك" لكانَ غَثًّا من الكلام، والتسميةُ في معنى الخَبَر؛ لأنَّ المعنى: "أفعَلُ كذا باسم الله"، وحجَّة مَنْ أثبتها الاقتداءُ بالسلف.

والجوابُ عمَّا قاله هؤلاء: أنَّ الواو لم تعْطِف دعاءً على خبر وإنَّما عَطَفَتِ الجملة على كلامٍ مَحْكِيٍّ؛ كأنك تقول: "قلْتُ: باسم الله الرحمن الرحيم، وصلَّى الله على محمَّد" أو: أقولُ هذا وهذا، أو: أكتُبُ هذا وهذا" (٢). انتهى.


(١) هو أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي شمس الدين المشهور بابن قيم الجوزية، ولد سنة إحدي وتسعين وستمئة سمع الشهاب النابلسي، وعيسى المطعم، وأبي بكر بن عبد الدائم، ولازم شيخ الإسلام ابن تيمية من سنة ٧١٢ هـ إلى وفاته سنة ٧٢٨ هـ وانتفع به قال ابن رجب: "تفقه في المذهب، وبرع وأفتى، ولازم الشيخ تقي الدين وأخذ عنه، وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفاً بالتفسير لا يجارى فيه: وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى، والحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله وبالعربية … " قال: "وكان ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشغف بالمحبة، وإلانابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والانكسار له … ، وصنف تصانيف كثيرة جداً في أنواع العلم وكان شديد المحبة للعلم، وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب مالم يحصل لغيره ومنها: تهذيب سنن أبي داود، زاد المعاد في هدي خير العباد، مدارج السالكين، حادي الأرواح، غيرها كثير توفي سنة إحدى و خمسين و سبع مئة انظر ترجمته في: "ذيل طبقات الحنابلة" (٢/ ٤٤٧) "البداية والنهاية" (١٤/ ٢٣٤) "الدرر الكامنة" (٤/ ٢١) "شذرات الذهب" (٦/ ١٦٨) "
(٢) "بدائع الفوائد" لابن القيم (١/ ٢٢).

<<  <   >  >>