للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والكبائر جمع كبيرة، قال الراغب الاصفهاني "الكبير والصغير من الأسماء المتضايفة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشيء قد يكون صغيراً في جنب شيء وكبيراً في جنب غيره .. " (١).

قال الزَّجاج: "والكبائر ما كَبرُ وعظُم من الذنوب " (٢).

وقد تعددت أقوال السلف في الكبائر فذهب الجمهور إلى أن من الذنوب كبائر ومنها صغائر بدلالة هذه الآية وغيرها.

وشذت طائفة منهم أبو إسحاق الإسفراييني (٣) فقال: "ليس في الذنوب صغير بل كلُّ ما نهى الله عنه كبير ". (٤).

ومنهم إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (٥) فقال: " المرضيُّ عندنا أنَّ كل ذنب كبيرة، إذ لا تراعى أقدار الذنوب حتى تضاف إلى المعصيِّ بها؛ فرب شيء يعد صغيرة بالإضافة إلى الأقران، ولو صور في حق ملك لكان كبيرة يضرب بها الرقاب. والرب تعالى أعظم من عُصي، وأحق من قُصد بالعبادة، وكل ذنب بالإضافة إلى مخالفة الباري عظيم، ولكن الذنوب وإن عظمت بما ذكرناه فهي متفاوتة على رتبها، فبعضها أعظم من بعض " (٦).

ومنهم القشيري عبد الرحيم (٧)، قال: " والصحيح أنها كبائر ولكن بعضها أعظم من بعض، والحكمة في عدم التمييز أن يجتنب العبد جميع المعاصي " (٨)


(١) المفردات ص: ٤٢٣.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤٥.
(٣) أبو إسحاق الإسفراييني: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق الإسفراييني الأصولي الشافعي، الملقب ركن الدولة، له: أدب الجدل، توفي سنة (٤١٨ هـ)، ينظر: السير (١٧/ ٢٥٣)، طبقات الشافعية للسبكي (٤/ ٢٥٦).
(٤) فتح الباري (كتاب الأدب) باب عقوق الوالدين من الكبائر، ح: ٥٠١/ ١٠٥٩٧٦.
(٥) أبو المعالي الجويني: عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، ثم النيسابوري، أبو المعالي الشافعي، المعروف بإمام الحرمين، الفقيه الأصولي المتكلم، له: الرسالة النظامية، نهاية المطلب، الإرشاد في أصول الدين، توفي سنة (٤٧٨ هـ)، ينظر: السير (١٨/ ٤٦٨)، طبقات الشافعية للسبكي (٥/ ١٦٥).
(٦) الإرشاد ص: ٣٩١.
(٧) عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن، أبو نصر القُشيري النيسابوري، بحر العلوم، كان ذا ذكاء وفطنة، لازم إمام الحرمين حتى أحكم عليه المذهب والخلاف والأصول، توفي سنة ... (٥١٤ هـ)، ينظر: البداية والنهاية (١٦/ ٢٤٩)، طبقات المفسرين للسيوطي (ص: ٥٥).
(٨) ينظر: تفسير القرطبي ٥/ ١٥٢.

<<  <   >  >>