للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(هذا بهتان عظيم) أي هذا القول بهتان عظيم). (١)

ومعلومٌ أن حقيقة البهتان أن يقال في الإنسان ما ليس منه.

قال ابن تيمية: " وهذا نهي لهم عن التكلم بالقذف". (٢)

والظاهر ـ والله أعلم ـ أن الحسين أورد الآية هنا ليبين أن القذف من الكبائر.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: ٢٣].

• وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: ٥٣]

قال الزجاج: " والمعنى: وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده وذلك أنه ذكر أن رجلاً قال: إذا توفي محمدٌ تزوجت امرأته فلانة، (٣) فأعلم الله أن ذلك محرم بقوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} أي كان ذنبا عظيماً (٤).

وأما عن ترتيب الكبائر فثابت في الكتاب والسنة (٥) وأما عن ضابط الكبائر.

فأقول - والله أعلم ـ إنه لا قول الحسين ولا ما ذكرت من أقوال في الكبيرة يضبطها ضبطاً تاماً بحيث لا تخرج كبيرة عن قول كل قائل فيها، إذ كيف يطمع فيما لا مطمع في ضبطه.

قال الواحدي وغيره: " والصحيح أنه ليس لها حدّ يعرفه العباد وتتميّز به من الصغائر تميز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن الله- تعالى - يعلم ذلك وأخفاه عن العباد، ليجتهد كل أحد في اجتناب ما نُهي عنه رجاء أن يكون مجتنب الكبائر.

ونظير هذا في الشريعة إخفاء الصلاة الوسطى في الصلوات، وليلة القدر في ليالي رمضان، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة ". (٦)


(١) ينظر: تفسير الطبري، ١٨/ ١١٩.
(٢) مجموع الفتاوى ١٥/ ٣٣١.
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن زيد ٢٢/ ٤٩، وابن أبى حاتم في تفسيره عنه ١٠/ ٣١٥٠.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٥ وينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٥٠٦.
(٥) ينظر: الاستقامة لابن تيمية ص: ٤٦٨.
(٦) البسيط ص: ٢٢٣، ت: محمد المحيميد، ج: الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

<<  <   >  >>