للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القاضي عياض: " وأما قصة داود -عليه السلام- فلا يجب أن يُلتفت إلى ما سطره فيه الأخباريون عن أهل الكتاب الذين بدَّلوا وغيَّروا، ونقله بعض المفسرين ولم ينصَّ الله على شيء من ذلك ولا ورَدَ في حديث صحيح، والذي نص الله عليه قوله وَظَن {دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [ص: ٢٤] إلى قوله: {وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: ٢٥] (١)

وقال ابن كثير في تفسيره: " قد ذكر المفسرون ههنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ... " (٢)

وقال في البداية والنهاية: " وقد ذكر كثير من المفسرين، من السَّلف والخلف، ههنا قصصاً وأخباراً أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة ". (٣)

وقال الشنقيطي: " واعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة، مما لا يليق بمنصب داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معوّل عليه، وما جاء منه مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصح منه شيء ". (٤)

ولكي يستقيم التفسير على ضوء ما أوردوه، ذكروا أن المقصود بالنعجة هنا المرأة ودلَّلوا على ذلك من اللغة. (٥)

وإلى نفي ما أضيف في الأخبار إلى داود ذهب جمع من المحققين، وقيل إن الخصمين اللذين اختصما إليه رجلان في نتاج غنم على ظاهر الآية. (٦)

قال أبو حيان: " والظاهر: إبقاء لفظ النعجة على حقيقتها من كونها أنثى الضأن، ولا يكنى بها عن المرأة، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك، ثم قال: " والذي يُذهب إليه ما دلّ عليه ظاهر الآية من أن المتسورين المحراب كانوا من الإنس دخلوا عليه من غير المدخل، وفي غير وقت جلوسه للحكم، وأنه فزع منهم ظاناً أنهم يغتالونه إذ كان منفرداً في محرابه لعبادة ربه، فلما اتضح له أنهم جاؤوا في حكومة، وبرز منهم اثنان للتحاكم كما قصّ الله تعالى وأن داود -عليه السلام- ظنّ دخولهم عليه في ذلك الوقت ومن تلك الجهة إنقاذ من الله له أن يغتالوه فلم يقع ما كان ظنه، فاستغفر من ذلك الظن حيث أخلف، ولم يكن يقع مظنونه، ... " (٧)


(١) الشفا ص: ٣٢٤.
(٢) / ٣١ ويراجع: كلام النحاس في معانيه ٦/ ٩٨.
(٣) / ٣٠٩.
(٤) أضواء البيان ٧/ ٢٤.
(٥) ينظر: مجاز القرآن ٢/ ١٨١ ومعاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٢٦، والدر المصون ٥/ ٥٣١. و يراجع معاني القرآن للفراء ٢/ ٤٠٣ ــ ٤٠٤، وتفسير الطبري ٢٣/ ١٦٩.
(٦) ينظر: الشفا ص: ٣٢٥.
(٧) البحر المحيط ٧/ ٣٧٧.

<<  <   >  >>