للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر أبو شهبة أن الرجلين خصمان حقيقة، وليسا ملكين كما زعموا، والنعاج على حقيقتها، وليس ثمة رموز ولا إشارات، وهذا التأويل هو الذي يوافق نظم القرآن ويتفق وعصمة الأنبياء فالواجب: الأخذ به، ونبذ الخرافات والأباطيل التي هي من صنع بني إسرائيل، وتلقفها القصاص وأمثالهم مما لا علم عندهم، ولا تمييز بين الغث والسمين، ثم ذكر بعض الأقوال التي وردت في صنع داود الذي فتن بسببه، ثم قال: " وهذه الأقوال الثلاثة ونحوها لست منها على ثلج، ولا اطمئنان، فإنها وإن كانت لا تُخلُّ بالعصمة لكنها تخدشها، ثم هي لا تليق بالصفوة المختارة من الخلق، وهم الأنبياء فالوجه الجدير بالقبول في تفسير الآيات هو الأول، فعُضَّ عليه، واشدد به يديك " (١)

وقال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد في كتابه (قصص الأنبياء القصص الحق) قصة عشق داود المرأة فقهر زوجها ليتنازل له عنها وسعيه -عليه السلام- في قتله وفي تفسير النعجة في الآية بأنها المرأة: " إن هذا تفسير مماطل باطل فاسد كاسد وإفك مبتدع يأباه لنفسه السوقة والرعاع، ومكر يهودي تمجُّه الأسماع وتنفر منه الطباع، وأذكر هنا أن سياق القرآن يأباه فإن الله تبارك وتعالى ذكر في مقدمة هذه السورة إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)} [ص.: ١٦] ما لقيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أذى قومه وتمالئهم عليه واستهزائهم به فأمره الله عزّ وجلّ بالصبر على ما يقولون، وأمره بأن يذكر قصة العبد الصالح الأواب داود -عليه السلام- ... " (٢) ثم فسّر القصة على ظاهرها وبعدها: " وكأن الله تعالى يقول لشيخ المرسلين وإمام المتقين وسيد أولي العزم محمد -صلى الله عليه وسلم- إياك أن تفزع من تهديدات قريش لك، واذكر قصة أخيك العبد الصالح الأواب داود -عليه السلام- عندما تسور المحراب متخاصمون .. " (٣) ثم ذكر أنه لا ذكر للمرأة أبداً في هذه القصة.

وذكر أن إطلاق النعجة على المرأة ليس بالوضع العربي وإنما يأتي على سبيل التشبيه ببقرة الوحش لا بأنثى الضأن، ثم قال: " أما قول البخاري رحمه الله في كتاب أحاديث الأنبياء من صحيحه " (٤) يقال للمرأة نعجة، ويقال لها أيضاً شاة فقد أشار الحافظ ابن حجر في فتح الباري. (٥) إلى أنه استقى ذلك من أبي عبيدة معمر بن المثنى حيث قال: قال أبو عبيدة في قوله {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} أي امرأة " (٦). فوجه هذا القول على حسب رؤيته لذلك. (٧)


(١) الإسرائيليات والموضوعات ص: ٢٦٩/ ٢٧٠.
(٢) ص: ٢٩٥.
(٣) ص: ٢٩٦.
(٤) رواه عن مجاهد، باب {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلى قوله {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} ... [ص: ١٧ - ٢٠] ص: ٥٧٥.
(٥) / ٥٦٤.
(٦) قصص الأنبياء ص: ٢٩٨.
(٧) ينظر في هذا التوجيه المصدر السابق.

<<  <   >  >>