للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ذكر بعضاً من هذه الأشعار وقال: " وقد أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كتابه الكريم ثم كذبهم بقولهم فقال: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} قال الله عز وجل {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا تسبُّوا الدهر) على تأويل لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى؛ لأنه عز وجل هو الفاعل لها لا الدهر فهذا وجه الحديث إن شاء الله ". (١)

وقال الأزهري: " قلتُ: وقد قال الشافعي في تفسير هذا الحديث نحْواً مما قاله أبو عُبيد، واحتجَّ بالأبيات التي ذكرها أبو عبيد، فظننت أبا عبيد عنه أخذ هذا التفسير لأنه أول من فسَّره ". (٢) وإلى هذا التفسير الذي قاله الشافعي ذهب أهل العلم. (٣)

وقال الإمام النووي في قوله تعالى: (وأنا الدهر): " فإنه برفع الراء، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي وأبوعبيد وجماهير المتقدِّمين والمتأخِّرين " (٤).

وقال ابن كثير: في قول الشافعي وغيره من الأئمة: " هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد والله أعلم " (٥).

وقال النووي: " ومعنى (فإن الله هو الدهر) أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم " (٦).

ولقد قال الخطابي في قوله (أنا الدهر): " أي أنا مالك الدهر ومصرِّفُه فحُذف اختصاراً للفظ واتساعاً في المعنى .. " (٧)

وقال غيره (٨): معنى قوله (أنا الدهر) أي المدبر أو صاحب الدهر أو مقلبه أو مصرفه، ولهذا عقبه بقوله (بيدي الليل والنهار) (٩) وقال تعالى {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠]


(١) المصدر السابق ٢/ ١٤٧.
(٢) تهذيب اللغة ٢/ ١٢٤٠.
(٣) ينظر على سبيل المثال: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ١/ ٢٢٢/ ٢٢٣ وغريب الحديث للخطابي ١/ ٤٩٠ ومشكل الحديث وبيانه لابن فورك ١/ ٢٧٦ وشرح النووي ١٥/ ٤.
(٤) شرح النووي ١٥/ ٣.
(٥) تفسيره ٤/ ١٥١.
(٦) شرح النووي ١٥/ ٤.
(٧) غريب الحديث ١/ ٤٩٠.
(٨) أي: غير الخطابي.
(٩) عمدة القارئ ٢٢/ ٢٠٢.

<<  <   >  >>