للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقصر ابن عبد ربه حديثه هذا الذي يختص بالشراب على النبيذ، ومن حلل شربه وحجته، ومن حرم شربه وحجته، ويورد رسالة عمر بن عبد العزيز إلى أهل الأمصار في الأنبذة.

ويمكن أن نعد كتاب "المرجانة الثانية" في النساء واحدًا من أبواب الثقافة الاجتماعية، فقد ضم الكثير من أخبارهن وصفاتهن ومكرهن وغدرهن والسرية والهجناء، وإن كان هذا الباب قد ضم أحيانًا من فحش القول ما كان يجمل برجل كابن عبد ربه أن يترفع عن ذكره.

هذا عرض سريع موجز للكتاب العظيم النفيس الفريد "العقد الفريد".

ولكن يبقى لنا ملاحظتان على جانب كبير من الأهمية تقتضينا أمانة البحث العلمي أن نعرض لهما في إيجاز:

أولًا: إن ابن عبد ربه وإن كان قد قسم "العقد" إلى خمسة وعشرين كتابًا يحمل كل منها اسم درة من درر عقد الجيد، فإن ذلك لا يعني أنه لم يتأثر إن لم يكن نقل عن العالم المشرقي الجليل ابن قتيبة منهجه في "عيون الأخبار".

إن ابن قتيبة قسم "عيون الأخبار" إلى عشرة كتب، هي كتاب السلطان، كتاب الحرب، كتاب السؤدد، كتاب الطبائع، كتاب العلم، كتاب الزهد، كتاب الإخوان، كتاب الحوائج كتاب الطعام، كتاب النساء.

إن هذه الأقسام بمسمياتها ولفظها قد أخذها ابن عبد ربه، وأطلقها على أهم فصول كتابه، فالكتب الستة الأولى أخذها ابن عبد ربه بمسمياتها وأطلق على كل واحد منها اسم حجر كريم من أحجار عقده، وهي على الترتيب اللؤلؤة في السلطان، الفريدة في الحروب، الزبرجدة في الأجواد والأصفاد وهي تسمية تكاد تساوي "السؤدد" في عيون الأخبار، الزبرجدة الثانية في طبائع الإنسان والحيوان، الياقوتة في العلم، الزمردة في المواعظ والزهد، الفريدة الثانية في الطعام والشراب، المرجانة الثانية في النساء، بقي كتابان في عيون الأخبار هما كتاب الإخوان وكتاب الحوائج لم ينقلهما ابن عبد ربه نصًّا ولكنه ضمن موضوعاتهما أبواب كتابه.

إن ابن عبد ربه عظيم، وكتابه كتاب عظيم، وفيه إضافات وشمول وتناول وأخبار تزيد كثيرًا على ما عند ابن قتيبة، ولكن أمانة العلم كانت تقتضيه أن يشير في مقدمة كتابه، أو في ثناياه إلى أنه استنار بمنهج ابن قتيبة في عيون الأخبار بل استعاره منه، ولكنه لم يفعل، وهذا عيب كبير في دنيا العلم، وهو عوضًا من أن يثني عليه كان يخطئه وينال منه كلما سنحت له المناسبة بذلك، تمامًا كما فعل الأندلسي ابن شهيد حين أخذ هيكل قصته -


١ العقد "٦/ ٣٥٤-٣٥٦".

<<  <   >  >>