إلى ترجمة أو معرفة شيء عن ابن نجيم في كتب التراجم وتاريخ الأدب فلم يوفق إلى ذلك، ومن ثم فقد اعتبر الكتابين كتابًا واحدًا وأن ابن نجيم الذي أخذ عنه ابن المعتز هو نفسه ابن المنجم صاحب البارع.
ولقد حاولنا من جانبنا أن نعثر على من اسمه ابن نجيم في جميع ما هدانا إليه تفكيرنا وما أسعفتنا به خبرتنا من مظانٍّ فلم نعثر على مؤلف في الشعر بهذا الاسم، ومن ثم فنحن نميل إلى تصور صحة ما ذهب إليه محقق ابن المعتز من أن ابن نجيم هو نفسه ابن المنجم هارون بعد تحريف المهملين من النساخ، ونزيد على ذلك بأننا نتصور أن كتاب "طبقات الشعر الثقات" الذي أورد ابن المعتز ذكره وأخذ عنه، هو الكتاب الكبير الذي ألفه هارون ابن المنجم والذي نعته بالطول ورأى أن يختصره "فاختصر أشعارهم، وأثبت منها زبدتها وترك زبدها". ثم رأى ابن المنجم أن يضع اسمًا جديدًا لكتابه المختصر فاختار له اسم "البارع" في إخبار الشعراء المولدين.
إن هذا الذي سطرناه إنما هو من ضرب الاستنتاج القائم على حدود المنطق حتى يظهر غير ذلك، وحتى نعثر في كتب التراجم أو الطبقات، أو تاريخ الأدب على من اسمه ابن نجيم.
هذا ونحب أن نشير إلى أن هارون بن المنجم هذا كان حافظًا راوية للأشعار حسن المنادمة لطيف المجالسة ومات في ريعان شبابه سنة ٢٨٨هـ أي قبل ابن المعتز بثماني سنوات، وله من الكتب غير ما ذكرنا "كتاب النساء" وما جاء فيهن من الأخبار، ومحاسن ما قيل فيهن من الأشعار، هذا فضلًا عن كونه شاعرًا بذاته وفي شعره لمحات رقة مع أخذ بأسباب رعونة الشباب فهو القائل:
الغانيات عهودهن ... إلى انصرام وانقضاب
من شاب شبن له المود ... ة بالخديعة والكذاب
ما دمت في ورق الصبا ... وغصونه الخضر الرحاب
فافخر بأيام الصبا ... واخلع عذارك في التصابي
واعط الشباب نصيبه ... ما دمت تعذر بالشباب
هذا هو هارون المنجم رأس مدرسة أصحاب الطبقات الذين تخصصوا في تقديم شعراء بعينهم قالوا في غرض بعينه محدود بفترة زمنية وحدود مكانية.
هذه الوقفة الطويلة مع ابن المنجم وتحديد معالم شخصيته كانت أمرًا لا مفر منه قبل أن