منها وترتيبها هكذا: طبقات ابن سلام الجمحي، ثم من اسمه عمرو من الشعراء للجاحظ، ثم الشعر والشعراء لابن قتيبة، ثم البارع لهارون بن المنجم، ثم من سمي عمرًا من الشعراء في الجاهلية والإسلام، والورقة لمحمد بن داود الجراح وزير ابن المعتز خلال يوم خلافته، وقد تم تحقيقه وتهيئته للطبع على يد المستشرق كرنكو في ليبسك، ثم كتاب الطبقات لابن المعتز هذا الذي بين أيدينا.
وإذا كان لنا أن نزيد طبقات ابن المعتز تعريفًا فإننا يمكن أن نذكر ما يمتاز به عن الكتب السابقة له بما يلي:
أولًا: أن الكتاب تخصص في عصر بعينه فذكر شعراءه، وهم الشعراء الذين مدحوا بني العباس واتصلوا بهم بمن في ذلك الشعراء من مخضرمي الدولتين، فأولئك المخضرمون الذين مدحوا بني العباس أمثال ابن هرمة وابن ميادة وسديف وغيرهم، فضلًا عن بقية الشعراء الذين عاشوا إلى زمن تأليفه الكتاب، وكل أولئك قد قدم لهم ابن المعتز شيئًا من أشعارهم وأطرافًا من أخبارهم بحيث بلغ مجموع الشعراء الذين كتب عنهم مائة واثنين وثلاثين شاعرًا.
ثانيًا: يعترف ابن المعتز بأنه لا يهتم بكل شعر الشعراء وأخبارهم، فذلك موجود في دواوينهم - ولا شك أنها كانت موفورة طوع اليدين على أيامه- وإنما هو يقدم من الشعر ما ليس موجودًا إلا عند الخواص، وهو بذلك يقدم من هذا الشعر غير المعروف للجمهرة قصائد أو مقطوعات١.
ثالثًا: طبيعة الأديب الناقد الكامنة في شخصية ابن المعتز جعلته يقدم كتابه بأسلوب رخي رضي شائق، ثم هو بعد ذلك ينقد ويزن ويبدي رأيه في القصائد أو المقطعات طبقًا لمعايير نقدية صالحة مقبولة، وهو حسن الاختيار جيد الانتقاء.
رابعًا: برغم أن الكتاب كتاب طبقات إلا أنه لم يهمل الأحداث التاريخية الدقيقة التي ربما لم يلتفت إليها جمهرة المؤرخين؛ لأنها في نظرهم لم تكن تعني شيئًا خطيرًا، ولكنها من وجهة نظر مؤرخ الأدب تعني الكثير، وتشكل مفاتيح لقضايا كثيرًا ما كانت تبدو مغلقة، فهو يؤرخ للأحداث بعامة والمرتبطة بقصائد بعينها بخاصة كما هو الحال عند الحديث عن سديف وأبي نخيلة الراجز، إنه كثيرًا ما يذكر الشيء المهم الذي أهمله التاريخ.
خامسًا: يذكر ابن المعتز في "طبقاته" بعض القصص والأخبار بأسلوب مترسل لطيف ويصف ألوانًا من الحياة الاجتماعية على زمانه ويصور زوايا بعينها من المجتمع بشيء من رقة