للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم إذ هو الذي أتى بهذا الدين القيم وسراجه الوهاج، وصاحب التنبيه على هذه الشرعة والمنهاج، فأذكر ترجمته مختصرًا، وأسرد أمره مقتصرًا؛ لأن الناس قد صنفوا المغازي والسير، وأطالوا الخبر فيها كما أطابوا الخبر، ومليت لما ملئت بشمايله مهارق التواليف، ورفعت لما وضعت تيجانها على مفارق التصانيف".

هذا ما كان من أمر منهج المؤلف في مقدمة كتابه الكبير، وأما المقدمة نفسها فتضم أحد عشر فصلًا في الثقافة التاريخية والتأليف التاريخي: الفصل الأول في بداية التاريخ عند العرب، وذكر رأي من قال إنه بدأ بموت كعب بن لؤي، ورأي من قال: إنه بدأ بموت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم لإعظامهم إياه، ورأي من قال بعام الفيل، ورأي من قال بإعادة بناء الكعبة، ثم يستطرد المؤلف إلى ذكر أقدم التواريخ التي بين أيدي الناس، وجعل المؤلف الفصل الثاني من مقدمته في تمييز الأعداد وضروات الشعر، ذلك أن المؤرخ أديب كاتب يحتاج إلى كتابة الأعداد المرتبطة بالتواريخ ومن ثم ينبغي معرفة تمييز كل عدد، هذا فضلًا عن حاجته إلى رواية الشعر والاستشهاد به، وجعل الفصل الثالث في كيفية كتابة التاريخ قاصدًا بذلك ذكر الأعداد المرتبطة بالشهور وتمييزها والضمائر التي تعود عليها، وما يجوز وما لا يجوز، وصفات الشهور، وصفات بعض الأيام، ويضرب مثالًا بأول شوال وهو عيد النحر، وتاسع المحرم وهو يوم تاسعواء، وعاشره وهو يوم عاشوراء وهكذا. ولما كان المؤرخ محتاجًا إلى استعمال النسب فإن المؤلف يجعل الفصل الرابع للنسب وما يتصل به نحويًّا وصرفيًّا. والفصل الخامس جعله في بيان العلم والكنية واللقب وذكر وجوب تقديم اللقب على الكنية، والكنية على العلم، ثم النسبة إلى البلد ثم إلى الأصل، ثم إلى المذهب في الفروع، ثم إلى المذهب في الاعتقاد إلخ، إنه تفصيل طريف يفيد المهتم بالأسماء والصفات والألقاب والكنى، وجل المؤلف الفصل السادس من مقدمته في الهجاء والكتابة ويهتم بصفة خاصة بالهمزة والألف والواو والياء والفصل السابع يخصصه المؤلف لنوعية على الحروف أليق بالتراجم، وهو يعني هنا ترتيب حروف أهل المشرق، فإن للمغاربة ترتيبًا آخر للأبجدية. والفصل الثامن جعله المؤلف في الوفاة وأصلها ومشتقاتها واستعمال هذه المشتقات والصيغ المختلفة للاسم والصفة والفعل. والفصل التاسع أفرده المؤلف لذكاء المؤرخ، وثقافته، وأمثلة يتعرف من خلالها على الخبر الصحيح والخبر المزيف أو الخاطئ، كما جعل الفصل العاشر لأدب المؤرخ والشروط التي ينبغي أن تتوفر فيه.

<<  <   >  >>