صح التعبير أو الجنسية حسب التعبير المعاصر هي الجنسية الإسلامية، يخرج المواطن من بخارى شرقًا ضاربًا بأقدامه أو سنابك جواده وجه الأرض مشرقًا حتى تبتل قدماه من مياه المحيط غربًا فلا يسأل من أين أتى، ولا إلى أين يذهب، بلد واحد وأهل واحد وثقافة واحدة ولغة واحدة، ودين واحد باستثناء بعض أهل الكتاب الذين كانت لهم الامتيازات نفسها في المواطنية والحل والترحال.
طبيعي إذن أن يهتم كتاب التراجم بالأدباء الأندلسيين اهتمامهم بغيرهم من أدباء البلدان الإسلامية.
وفي مقدمة كتب التراجم التي إياها نقصد "معجم الأدباء" لياقوت الرومي وقد حوى الكثير من التراجم لأدباء الأندلس، يضع الواحد منهم في مكانه من "المعجم" حسب الترتيب الأبجدي لاسمه الأول، فابن عبد ربه مثلًا يذكره تحت اسم "أحمد" وابن بسام يذكره تحت اسم "علي" وهكذا.
ومن الطريف أن يقرر ياقوت في مقدمة كتابه أن واحد من أهم مصادره أندلسي، هو كتاب أبي بكر محمد بن حسن الإشبيلي الزبيدي، ولكنه لم يذكر اسم الكتاب، ونحن نرجح أن كتاب الإشبيلي هذا الذي ضاع كان عمدة مادته ومصدر أخباره حول من ترجم لهم من أدباء الأندلس.
وقبل أن ننتقل من معجم الأدباء إلى كتاب آخر من كتب التراجم، قد نرى من الضرورة بمكان أن نشير إلى كتاب آخر من كتب ياقوت هو "معجم البلدان" وهو كتاب جغرافية ظاهرًا، ولكنه كتاب جغرافية وأدب ظاهرًا وباطنًا، إنه يتحدث عن بلدان العالم الإسلامي حتى زمانه، ومن بينها بلدان الأندلس، وما يكاد يتحدث عن بلد إلا ويذكر ما قيل فيه من شعر وما عرض له من أحداث ويعدد الأدباء والأعيان الذين أنجبهم هذا البلد أو ذاك وشيئًا من أدبهم شعرًا كان أو نثرًا، ومن ثم فإن كتاب "معجم البلدان" يعتبر واحدًا من المصادر المشرقية للأدب الأندلسي من خلال التعريف ببلد أندلسي بعينه مثل قرطبة أو غرناطة أو إشبيلية أو بلنسية وهلم جرا.
ومن كتب التراجم المشهورة التي عنيت بالترجمة للعديد من الأعلام الأندلسيين كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان المتوفى سنة ٦٨١هـ وهو مليء بترجمات لمشاهير رجال الأندلس من علماء وفقهاء وقضاة ولغويين وكتاب وشعراء وأمراء وولاة وظرفاء ونساء مشهورات.
ويسلك المنهج نفسه ابن شاكر الكتبي المتوفى سنة ٧٦٤هـ، وقد شمل ابن شاكر الأدباء والأديبات من بين أعيان الزمان بعناية خاصة.