وهنا يبدو خطر التصوف الجامح على الخلق والعرض والأمة, ماذا يفعل الصوفي وهو يؤمن أن المرأة هي أتم وأكمل مجالي الإله؟ ماذا سيحدث معه وهو يوقن أن ربه امرأة يواقعها رجل؟ اعفني من الجواب؛ لأنك ستدرك الجواب، ستدرك أن التصوف دعوة ملحة إلى الإباحية الماجنة، وهذا يؤكد لك ما قررته من قبل، وهو أن لحيوان الشهوة المعربد في أعماق ابن عربي أثرا بعيدا في تصوفه، فقد تدله -وهو بمكة حين زارها سنة ٥٩٨ هـ-بحب غانية هي ابنة الشيخ مكين الدين الأصفهاني، ولكنها لم تهدهد من نزواته الفواجر، ولم ترد غلة ذئبه الظامئ إلى الدم، فنظم -يستدرجها إلى الغواية- فيها ديوان شعره المسمى: ترجمان الأشواق، وابن عربي نفسه يقر بأنه نظم ديوانه هذا تشبيبا بتلك الغانية القتول، وحين عصفت الفضيحة بهواه، فر هاربا من مكة، حتى لا يجابه عار الفضيحة، بيد أن الهوى ظل يعصف به، ويلهبه، وثمت نفس عن جحيمه بخيالات زندقته، فراح يصور ربه في صورة امرأة، ويزعم أنه يتجلى -أجمل وأحلى ما يتجلى- في صورة امرأة تقترف. كل هذا من أجل امرأة لم تستطع شهوته أن تضرس منها اللحم، وتعرق العظم. ٢ أي: لا بد للإله الصوفي من جسد يتعين فيه، فتأمل!. ٣ في الأصل: فإذا.