للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود١ وأكمله [وأعظم الوصلة النكاح٢] وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته، ليخلفه، فيرى فيه نفسه، فسواه، وعدله، ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق، وباطنه حق٣".

وهذا يدلك على أن الإله عنده كالكلي الطبيعي٤، لا وجود له إلا في ضمن جزئياته، والله الموفق.

ثم قال: "فمن أحب النساء على هذا الحد، فهو حب إلهي، ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح، ولكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته، أو لأنثى حيث كانت لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري: لمن؟! فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم، كما قال بعضهم:

صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن

كذلك هذا. أحب الالتذاذ، فأحب [٣٩] المحل الذي يكون فيه، وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة، فلو علمها، لعلم بمن التذ، ومن التذ؟! ٥ وكان كاملا، وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله:


١ في الأصل: شهود.
٢ يعني به: ما له من معنى في أذهان العامة، لا الزواج.
٣ ص٢١٧ فصوص الحكم.
٤ الكلي هو ما لا يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه، كالإنسان، ويمسي كليا طبيعيا باعتبار وجوده في الخارج أي: في الطبيعة، والكلي الطبيعي جزء جزئيه، فلا وجود له إلا في ضمن جزئياته، أعني ليس له وجود خاص به، قائم بذاته، وإنما يوجد بوجود أفراده، وهكذا الإله الصوفي.
٥ يقول: لو تأمل الرجل الملتذ بالمرأة، لعلم أنه ليس مع امرأة، بل مع الإله الصوفي، وأنه ليس هو الملتذ، بل الإله الذي تعين فيه، وأعتذر للقراء عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>