٢ الله سبحانه هو العليم الخبير حقا بما يجب لربوبيته وإلهيته. وقد بين لنا عز شأنه تفضلا منه ورحمة هذا في كتابه الحكيم أجلى وأتم وأكمل بيان. فما يجوز لامرئ الزعم بأن للعقل التصرف في إثبات ما يجب وما يجوز وما يستحيل على الله سبحانه، والمؤمن الحق هو من يؤمن صادقا بكل ما وصف الله به نفسه إثباتا ونفيا. فيثبت خاشعا ما أثبت الله سبحانه لنفسه. وينفي منزها ما نفاه عنها جل وعلا. هو من يوحد الله توحيدا قوليا. وعمليا وعلميا واعتقاديا في الربوبية والإلهية بما ورد في الكتاب والسنة. ٣ فرية فلسفية، وإفك صوفي، فالعقل حينما استقل بمعرفة الله سماه سبحانه ووصفه بما لا يحب الله أن يسمى أو أن يوصف به، أثبت له ما أوجب الله نفيه، ونفى عنه ما أوجب الله إثباته، نفى عنه كونه خالقا مدبرا يعلم كل خافية، وأثبت له ما عربد من الشهوة، وما ضل من العاطفة، فسماه عاشقا ولاذا وملتذا، ألا فليؤمن العقل دائما بأنه دائما في قبضة من خلقه، وأنه الفقير دائما إلى الغني الخلاق العليم الخبير. ٤ بل يجب عليه قبل هذا أن يتلقى مؤمنا مخلصا ما جاء في الكتاب والسنة عن صفات الله وأسمائه، دون لمسة من ريب تدفعه إلى التأويل، أو همسة من فكر تلوذ به إلى التعطيل، أو تجاوب مع الحس يهيم به في التجسيم أو التمثيل.