للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالهيام بالذات الأقدمين١ كما لا يخفى ولم لا يخفى:

وما برحت تبدو وتخفى لعلة ... على حسب الأوقات في كل حقبة

وتظهر للعشاق في كل مظهر ... من اللبس في أشكال حسن بديعة

ففي مرة لبنى، وأخرى بثينة ... وآونة تدعى بعزة. عزت

ولسن سواها، لا ولا كن غيرها٢ ... وما إن لها في حسنها من شريكة

كذاك بحكم الاتحاد, لحسنها ... كما لي بدت في غيرها، وتزيت

بدوت لها في كل صب متيم ... بأي بديع حسنه، وبأيت

وليسوا بغيري في الهوى لتقدم ... علي بسبق في الليالي القديمة

وما القوم غيري في هواي، وإنما ... ظهرت بهم للبس في كل هيئة


١ في الكلام خلل فلعله سقط منه شيء، ويعجب المؤلف من جسارة ابن الفارض على آدم، وليس بعجيب هذا من رجل قال قبل ذلك: إن الله هو جسد حواء!! وسبحان الله رب العالمين.
٢ يفتري الزنديق أن لبنى وبثينة وعزة وليلى ما هن إلا الذات الإلهية تعينت في صور هؤلاء الغواني العاشقات، وأن قيسا وجميلا وكثيرا وعامرا عشاق أولئك النسوة، ما هم إلا الذات الإلهية تعينت في صور هؤلاء العشاق، فمن خصائص الإله الصوفي أنه يتجلى في صورة رجل عاشق، وفي صورة امرأة هلوك عاشقة، وأنه حين يعشق فإنما يعشق نفسه، فهو العاشق والعشق والمعشوق. وابن الفارض يختار لفظ العشق عن عمد تثيره الغريزة الملتهبة، فالعشق كما يعرفه صاحب القاموس "إفراط الحب، ويكون في عفاف وفي دعارة، أو عمي الحس عن إدراك عيوبه أو مرض وسواس يجلبه إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور" والصوفية المعاصرة تعيب علينا الإيمان بصفات الله كما هي في الكتاب والسنة، وترجف بنا باغية في كل ناد أننا نجسم الله! ومعاذ الله أن ننسب إليه إلا ما نسب هو سبحانه إلى نفسه. ألا فلينظروا إلى ربهم الذي صنعته زندقة ابن الفارض، إنه يصوره شهوة عارمة النزوات, وبهذا لقبوه بسلطان العاشقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>