٢ يفتري الزنديق أن لبنى وبثينة وعزة وليلى ما هن إلا الذات الإلهية تعينت في صور هؤلاء الغواني العاشقات، وأن قيسا وجميلا وكثيرا وعامرا عشاق أولئك النسوة، ما هم إلا الذات الإلهية تعينت في صور هؤلاء العشاق، فمن خصائص الإله الصوفي أنه يتجلى في صورة رجل عاشق، وفي صورة امرأة هلوك عاشقة، وأنه حين يعشق فإنما يعشق نفسه، فهو العاشق والعشق والمعشوق. وابن الفارض يختار لفظ العشق عن عمد تثيره الغريزة الملتهبة، فالعشق كما يعرفه صاحب القاموس "إفراط الحب، ويكون في عفاف وفي دعارة، أو عمي الحس عن إدراك عيوبه أو مرض وسواس يجلبه إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور" والصوفية المعاصرة تعيب علينا الإيمان بصفات الله كما هي في الكتاب والسنة، وترجف بنا باغية في كل ناد أننا نجسم الله! ومعاذ الله أن ننسب إليه إلا ما نسب هو سبحانه إلى نفسه. ألا فلينظروا إلى ربهم الذي صنعته زندقة ابن الفارض، إنه يصوره شهوة عارمة النزوات, وبهذا لقبوه بسلطان العاشقين.