وادعوا أنهم تحروا عن رق الأغلال. وتحققوا بحقائق الوصال، وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية، واختطفوا عنهم بالكلية، وزالت عنهم أحكام البشرية، وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدانية" ص٢، ٣ الرسالة للقشيري. هذه شهادة عليهم في القرن الرابع الهجري من رجل يعدونه المثل الأعلى للصوفية العملية المعتدلة، وإنها لتدل على أن الصوفية من قديم تواصوا بالكيد للإسلام، وإنا لا تخدعنا هذه الشفوف من النفاق الصوفي، إذ هم السم الناقع يتراءى شهدا مذابا. فالقائلون بما هلل له البقاعي هم عين القائلين بما يخنقك منهم يحموم الزندقة، فالقشيري نفسه يقول في مقدمة رسالته عن أهل الطريقة: "جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه، وفضلهم على الكافة من عباده بعد رسله وأنبيائه" يفضل الصوفية على السابقين من المهاجرين والأنصار، ثم يقول: "وجعل قلوبهم معادن أسراره، واختصهم من بين الأمة بطوالع أنواره، فهم الغياث للخلق" وماذا بقي لله إذا كان هؤلاء غياثا للخلق؟ وماذا للصحابة من طوالع الأنوار ومعادن الأسرار إذا كان هؤلاء وحدهم كذلك؟ ثم يقول: "ورقاهم إلى محال المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية =