للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأحكام" (٥/ ٦٤) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث: وهذا من أفسد قول يكون، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً، وهذا مالا يقوله مسلم، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أو سخط.

وإن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيراً من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة، ولا يحاولون أبداً الرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة، كما أمرهم بذلك أئمتهم -رضي الله عنهم-، بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة -رضي الله عنهم- إنما هي كشرائع متعددة، يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف وتعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل، وقبول بعضها الآخر الموافق له، وهذا ما لا يفعلون! وبذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض! وهو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لوكانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن … {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} {النساء: ٨٢}.

فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله، فكيف يصح إذاً جعله شريعة متبعة ورحمة مُنزَّلة؟ وبسبب هذا الحديث ونحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية والعملية، ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر، كما قال ابن مسعود وغيره -رضي الله عنه- ودلت على ذمِّه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، لسعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>