وواضح من كلام الشيخ القرضاوي أنه اتكأ فيه على كلام الشيخ ابن حزم في تضعيف الحديث ورده من حيث السند واستند إلى قول ابن حزم أن كل ما روي في الغناء باطل موضوع.
وقد أخطأ الشيخ ابن حزم في هذه المسألة خطأً كبيراً وتابعه الشيخ القرضاوي في خطئه ومعلوم كما قال بعض السلف:[كل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -] وليس أحد من أهل العلم معصوم عن الوقوع في الخطأ.
وقد بين أهل الحديث والمحققون من الفقهاء خطأ ابن حزم ومن تابعه في حكمه على الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه حيث قال الإمام البخاري:[وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر أوأبو مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ... الخ الحديث].
وهذا الحديث رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم محتجاً به وما رواه البخاري معلقاً مجزوماً به فهو صحيح يحتج به قال الحافظ ابن حجر:[وقد تقرر عند الحفاظ أن الذي يأتي به البخاري من التعاليق كلها بصيغة الجزم يكون صحيحاً إلى من علق عنه ولو لم يكن من شيوخه لكن إذا وجد الحديث المعلق من رواية بعض الحفاظ موصولاً إلى من علقه بشرط الصحة أزال الإشكال ولهذا عنيت في ابتداء الأمر بهذا النوع وصنفت كتاب تغليق التعليق وقد ذكر شيخنا في شرح الترمذي وفي كلامه على علوم الحديث أن حديث هشام بن عمار جاء عنه موصولاً في مستخرج الإسماعيلي قال حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا هشام بن عمار وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين فقال حدثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد حدثنا هشام بن عمار قال وأخرجه أبو داود في سننه فقال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بسنده] فتح الباري ١٢/ ١٥٢ - ١٥٣.