ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين.
قال: وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطئهن وهذا كثيراً ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة.
قلت - أي الحافظ ابن حجر -: وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة في الباب الذي يلي هذا ولفظه (حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن) وفي رواية الحميدي (أنه يأتي أهله ولا يأتيهم) قال الداودي: يُرى بضم أوله أي يظن. قال عياض: فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وسائر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده.] فتح الباري ١٢/ ٣٣٧ - ٣٣٨.
وقال العلامة ابن القيم: فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في علاج السحر الذي سحرته اليهود به وقد أنكر هذا طائفة من الناس وقالوا لا يجوز هذا عليه وظنوه نقصاً أو عيباً وليس الأمر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يضرّ به - صلى الله عليه وسلم - من الأسقام والأوجاع وهو مرض من الأمراض وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن وذلك أشد ما يكون من السحر.
قال القاضي عياض: والسحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه - صلى الله عليه وسلم - كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه لما كان] زاد المعاد في هدي خير العباد ٤/ ١٢٤.
وقال الإمام الخطابي: [قد أنكر قوم من أصحاب الطبائع السحر