(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ... (١٢) عطف على " امرأة فرعون "، جمع في المثل بين ذات الزوج والتي لا زوج لها؛ تسلية للأرامل، وحثاً لهن على المحافظة وتحصين الفروج. (فَنَفَخْنَا فِيهِ) في الفرج. هو نفخ جبرائيل، والإسناد إليه، للشرف. (مِن رُوحِنَا) مخلوق بلا واسطة. (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا) بأحكامه. أو الصحف المنزلة، عبر بها عنها، لقصرها. (وَكُتُبِهِ) وقرأ غير أبى عمرو وحفص: (كِتابِهِ) مفرداً على إرادة الجنس. أو الإنجيل، والمؤمن به حقاً مؤمن بسائر الكتب. (وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) من جملة العابدين. غلب التذكير؛ إشارة إلى أن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكمَّل. ويجوز أن يكون (من) ابتدائية؛ لأنها كانت من أعقابه هارون، فيكون مدحاً لها بشرف النسب بعد مدحها بكرم الحسب.
روى مسلم والبخاري رحمهما الله، أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد. وفضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام. وفيه دليل ظاهر على أن عائشة أفضل النساء على الإطلاق. ولأن الرفعة وعلو الشأن إنما هو بالعلم، ولم يدانيها كثير من الرجال، فضلاً عن النساء.
* * *
تمت سورة التحريم، والحمد لمن فضله عميم، والصلاة على النبي الكريم، وآله وصحبه ذوي الفضل الجسيم.