والمعنى: يلبثون أحقاباً كثيرة لا يذوقون فيها إلا الماء الحار وغسالة أهل النار وصديدهم، ثم ينقلون إلى نوع آخر من العذاب. وإن جعل (لَا يَذُوقُونَ) استئنافاً فالمراد بأحقاب: دهوراً غير متناهية كلما مضى حقب تبعه آخر، ألا يرى كيف وقع وهم الانقطاع بقوله:(فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا). وقرأ حمزة:(لَابِثِينَ) مقصوراً، وهو أقوى وعليه الرسم، وحمزة والكسائي وحفص:(غَسَّاقًا) مشددا.
(جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦) أي: جوزوا جزاءً ذا وفاقٍ؛ لأعمالهم أو وصف بالمصدر.
(إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) يقال: كذّب تكذيباً وكذاباً. قال سيبويه: الأصلي كذَّاباً والتاء عوض عن التضعيف، والياء عن الألف.
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) نصب على المصدر، أي: إحصاء، أو أحصيناه بمعنى: كتبنا؛ لتلاقي الإحصاء والكتبة في الضبط، أو على الحال أي: مكتوباً في اللوح أو في صحف الحفظة.
(فَذُوقُوا ... (٣٠) أي: العذاب. التفت إليهم في مقام السخط؛ زيادة في العذاب. (فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا) استثناء من الأعم أي: شيئا من الأشياء. وعن أبي برزة الأسلمي:" سألت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن أشدّ آية في كتاب اللَّه على الكفار فتلاها ".