(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ... (٢٣) من تراب، (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ) آلات الإدراك. وأيّ بعد أَبعد ما بين التراب وهذه الأمور. (قَلِيلًا مَا) جدًّا (تَشْكُرُونَ) بصرفها إلى ما خلقت له، فلا سمعتم سماع تفهم، ولا نظرتم نظر اعتبار، ولا تدبرتم في دلائل الأنفس والآفاق.
(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ... (٢٤) بثّكم فيها متمكنين من أي تصرف شئتم. (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) للجزاء، فشمروا له.
(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ... (٢٥) أي: الحشر. أو العذاب كالخسف وإرسال الحاصب. (إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الخطاب له ولمن آمن به.
(قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ ... (٢٦) لا يعلم ذلك غيره. (وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ* فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً ... (٢٧) الضمير للموعود، وعبر عنه بالماضي؛ لتحقق وقوعه. (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ساءها رؤية العذاب وغشيها القترة. (وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) تستعجلون، من الدعاء. الباء صلة. أو تدعون أن لا بعث، من الدعوى. فالباء سببية.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ ... (٢٨) أماتني (وَمَنْ مَعِيَ) من المؤمنين، (أَوْ رَحِمَنَا) بتأخير الآجال، (فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) كانوا يتمنون هلاكه. كما قال اللَّه تعالى:(نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) أي: إن أهلكنا اللَّه كما تمنون أنتم، أو رحمنا بالنصر عليكم كما نرجو نحن، لا مجير لكم من عذاب اللَّه. أو نحن هداتكم ودعاتكم إلى النجاة، فإن أهلك اللَّه هداتكم كما تمنون، أو رحمهم عكس ما تمنون فمن يجيركم، أو نحن مؤمنون