(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) البطش: هو الأخذ بالشدة والعنف. فالوصف بالشدة زيادة مبالغة، ثم قرر ذلك بقوله:
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) ومَن هذا شأنه يكون بطشه وانتقامه من أعدائه في نهاية الشدة، وقيل: يبدئ البطش في الدنيا ويعيده في الآخرة، وهذا يلائم ما قيل: إنَّ النار انقلبت على أصحاب الأخدود.
وَهُوَ الْغَفُورُ ... (١٤) للذنوب (الْوَدُودُ) لمن تاب (ذُو الْعَرْشِ ... (١٥) خالق العرش، أو كنى به عن الملك (الْمَجِيدُ) خبر رابع لـ " هو ". ومجد اللَّه عظمته وكبرياؤه. وقرأ حمزة والكسائي بالجر صفة العرش، والمراد به: عظمة جرمه، أو اتساع الملك؛ دلالة على كمال الاقتدار. والرفع أولى؛ لكونه غالباً في صفاته تعالى.
(فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) لا يتأتى عليه مراد. خبر مبتدأ محذوف، لدلالته على تحقق الوصفين: البطش بالأَعداء، والمغفرة والودّ للأولياء. ولو جعل خبر " هو " المذكور " فات " ولا يخفى ما في التنكير وزيادة اللام من الفخامة.
(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) أبدلهما عن " الجنود "؛ لأنَّ المراد: فرعون وملأه، وضمّ ثمود إليه دون غيرهم؛ لقرب بلادهم، ورعاية للفاصلة. والمعنى: قد أحطت علماً بتكذيبهم، وما حاق بهم؛ تسلية له وتهديد لقومه.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) في الإضراب دلالة على أن حال هؤلاء أعجب من أولئك، فإنهم سمعوا بأخبارهم وشهدوا آثارهم وهم مستغرقون في التكذيب.