فقال. لا أقول في كتاب اللَّه ما لا أعلم. وعن أنس أنَّ عمر بن الخطاب تلا هذه الآية فلما وصل إلى قوله:(وَأَبًّا) قال: ما الأبُّ، ثم حاد وقال: لعمرك يا عمر إن هذا لهو التكلّف.
وهذا يدل على أنهم كانوا طالبين لمقاصد كلام اللَّه تعالى والعمل بمقتضى ما علموا ولهم عن طلب اللغات شغل شاغل وقد علموا أنَّ الآية مسوقة للامتنان على الإنسان، فهم كانوا ساعين في القيام بشكر تلك النعم (مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢) أي: المذكورات.
(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) أي: النفخة الثانية يقال: صخَّ للحديث وأصاخ: إذا استمع له. وصفت النفخة به مجازاً؛ لأنَّ الناس يصخّون عندها.
(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لاشتغاله بحاله، أو خوفاً من مطالبتهم إياه بما قصَّر فيه من حقوقهم. ويؤيد الأول قوله:
(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وقول الرسل نفسى نفسي. وتأخير الأحب فالأحب؛ للترقي كأنه قيل: يفرّ من أخيه من أبويه من صاحبته من بنيّه.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) مضيئة، من أسفر الصبح: أضاء؛ لسرور القلوب، وقيل: من الصلاة بالليل فإن من تَهَجَّدَ استناَرَ وجهُه. وقيل: من آثار الوضوء. وقيل: من طول ما اغبرّت في سبيل اللَّه.
(ضَاحِكَةٌ ... (٣٩) بما نالت من الربح والفوز. (مُسْتَبْشِرَةٌ) برحمة الله ورضوانه. (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) غبار وكدورة.