بـ (اعْلَموا) وختمه بـ (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) نوع عتاب، إذ كان الأولى بهم التدبر بدون هذا؛ لجلاء الحال
.
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ... (١٨) عطف على المصدقين، لكونه في معنى الذين صدقوا، وفيه تغلب؛ لئلا يقع فصل بالأجنبي. والمعنى: الذين تصدقوا وأخلصوا في ذلك وأخرجوه من مالهم الطيب. وقرأ ابن كثير وأبو بكر بتخفيف الصاد من التصديق أي: آمنوا باللَّه ورسوله، والتشديد أولى، لذكر الإيمان بعد (يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) تقدم تفسيره آنفاً.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ... (١٩) أي: بمنزلة هؤلاء وإن كانوا قاصرين تنزلوا منزلتهم. (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) أي: مثل أجر أولئك ونورهم، لا في الإضعاف أي: جميع ما يحصل لهم من الأجر والإضعاف، بل مثل مجرد أجر الصديقين وحده. فإن قلت: فأي ترغيب في ذلك؟. قلت: كل ترغيب؛ لأن آحاد المؤمنين إذا جعل ثواب عمله مثل ثواب عمل الصّدّيق فأي إحسان فوق ذلك؟ وأما الإضعاف فذلك ليس راجعاً إلى الأعمال. بل ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء. ويجوز أن يكون (وَالشُهَدَاءُ) مبتدأ، (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) خبر، وليس بقويّ. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) الذين لا يفارقونها؛ لإفادة الكلام الحصر.
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ... (٢٠) لما ذكر ما للفريقين في الآخرة، حقَّر أمر الدنيا بأن حصر ما فيها في أمور خيالية، قليلة النفع، ترغيباً فيما عنده، وتحذيراً عن الاغترار بها. واللعب: ما يجلب السرور. واللَّهو: ما يدفع الهم. (وَزِينَةٌ) بالأموال والبنين، (وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ) أنا ابن فلان، وأنت ابن فلان، (وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) أنا لي كذا