للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال الإمام البخاري رحمه الله في ترجمة هذا الحديث: ((باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله)) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: كأنه يشير إلى التفصيل بين أحوال القعود، فإن كان لمصلحة تتعلق بالحي أو الميت لم يكره)) (١).

ومما يدل على الموعظة عند القبر حديث البراء بن عازب الطويل وأوله: ((خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولمَّا يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة وجلسنا حوله، وكأنَّ على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، فقال: ((استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً) ثم قال: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة تنزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت - عليه السلام - حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة [وفي لفظ] المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ... )) الحديث (٢).

قال الإمام شيخنا ابن باز رحمه الله: ((لقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مرة أنه وعظ الناس عند القبر وهم ينتظرون الدفن، وبذلك يعلم أن الوعظ عند


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٣/ ٢٢٥.
(٢) أبو داود، برقم ٣٢١٢، ٤٧٥٣، ٤٧٥٤، والحاكم، ١/ ٣٧ - ٤٠، وأحمد، ٤/ ٢٨٧، ٢٨٨، ٢٩٥، ٢٩٦، وبرقم ١٨٣٤، وتقدم تخريجه في أحوال المحتضرين.

<<  <   >  >>