للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)) (١).

ورحم الله الإمام البخاري فقد أحسن حين قال:

اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... فعسى أن يكون موتك بغتة

كم صحيح رأيت من غير سَقم ٍ ... ذهبت نفسه الصحيحة فلتة (٢)

وقد أحسن البستي – رحمه الله – حين قال:

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته ... أتطلب الربح فيما فيه خسران؟

أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان (٣)

ولا ريب أنه ينبغي الاستعداد لما بعد الموت بالأعمال الصالحة، والتوبة من جميع الذنوب؛ لأن الموت قد يأتي بغتة، قال الإمام البخاري – رحمه الله –: ((بابُ موتِ الفُجاءة (٤): البغتة))، ثم ذكر حديث سعد بن عبادة


(١) الحاكم وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ٤/ ٣٠٦، ورواه ابن المبارك في الزهد،
١/ ١٠٤، برقم ٢، من حديث عمرو بن ميمون مرسلاً، وقال ابن حجر في فتح الباري،
١١/ ٢٣٥: ((بسند صحيح من مرسل عمرو بن ميمون، فمرسل عمرو بن ميمون شاهد لرواية الحاكم))، وصحح الحديث الألباني في صحيح الجامع الصغير، ٢/ ٣٥٥، برقم ١٠٨٨.
(٢) ذكره ابن حجر في هدي الساري، ص٤٨١، وعزاه إلى الحاكم في تاريخه، وذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم، ٢/ ٣٩٢.
(٣) النونية لشاعر زمانه: علي بن محمد بن الحسين البُسْتي، وهي مطبوعة ضمن الجامع للمتون العلمية، للشيخ عبد الله بن محمد الشمراني، ص٦٢٣.
(٤) الفُجاءَة: يُقال: فجئَه الأمرُ، وفجأه فُجاءة: بالضم والمد، وفاجأه مفاجأة إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب، وقيّده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدٍّ على المرة. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ٣/ ٤١٢، والفجاءة: الهجوم على من لم يشعر به. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>