للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْء، فَدَخَلُوا نَهَراً آخَرَ يُقَالُ لَهُ: رَحْمَةُ الله، فَاغْتَسَلُوا، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوانِهِمْ شَيْءٌ، فَدَخَلُوا نَهَراً آخَرَ، فَذلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] فَخَرجُوا وَقَدْ خَلَصَ أَلْوانُهُمْ مِثْلَ أَلْوَانِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَلَسُوا إلَى أَصْحَابِهِمْ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ: مَنْ هذَا الأشْمَطُ (١) الجَالِسُ؟ ومَنْ هَؤلاَء البِيضُ الُوُجوُهِ، ومَنْ هَؤلاَءِ الْذينَ في أَلْوَانِهِمْ شَيءْ، فَدَخَلُوا. هذِهِ الَأنْهَارَ فَاغْتَسَلُوا فِيهَا ثُمَّ خَرَجُوا وَقَدْ خلصت أَلْوَانُهُمْ؟

قَالَ: هذَا أَبُوكَ إبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم - أَوُل مَنْ شَمَطَ عَلَى الأرْضِ، وَهؤُلاَءِ الْقَوْمُ الْبِيضُ الْوُجُوهِ قَوْمٌ لَمْ يَلْبِسُوا (٢) إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، وَهؤُلاَءِ الَّذِين في أَلْوَانِهِمْ (مص: ١٠٣) شَيْءٌ قَدْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً تَابُوا فَتَابَ الله عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَى إلَى السِّدْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: هذِهِ السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى يَنْتَهِي كُلُّ أَحَدٍ (٣) مِنْ أُمَّتِكَ خَلاَ عَلَى سَبِيلِكَ، وَهِي السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى، يخْرُجُ مِنْ أَصلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاء غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَن لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْر لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ،


(١) الشمط -بفتح الشين المعجمة، والميم أيضاً-: بياض في شعر الرأس يخالط سواده، والرجل أشمط، والمرأة شمطاء.
(٢) لبس -بابه: ضرب- لَبْساً عليه الأمر: خلطه عليه حتى لا تعرف حقيقته. والمراد: لم يخلطوا إيمانهم بشرك.
(٣) في (ش): "واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>