للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل لكم ومن اعطاكم ان دين المسيح خلاف دين النصارى، وأنهم قد خالفوه؟

قلنا: من تأمل الامر وجدهم اشد الناس خلافا عليه واطّراحا لوصاياه في الاصول والفروع جميعا. فأما في الاصول فقد آمنوا وعبدوا ثلاثة آلهة وثلاثة أرباب كما قدمنا وتبيّنا، ولا يختلفون في ان المسيح عيسى بن مريم ليس بنبيّ ولا عبد صالح، وأنه إله حق من اله حق من جوهر ابيه، وأنه اله تام من اله تام، وانه خالق السماوات والارض والاولين والآخرين ورازقهم ومحييهم ومميتهم وباعثهم وحاشرهم ومحاسبهم ومثيبهم ومعاقبهم. وقد ذكرنا ما يقوله النسطورية من انه إله مركب من نوعين/ وطبيعتين، وبيّنا ما يرومونه من المغالطة. فإن قالوا: فإنا لا نفرد واحدا «١» من هذه الآلهة بالعبادة بل نعبدها كلها بعبادة واحدة، قيل له: ان هذا لا يخرجكم من ان تكونوا قد اشركتم في القدم واشركتم في العبادة، ولا يقدح فيما حكيناه عنكم، لأنه يصح ان نعبد مائة الف معبود بعبادة واحدة. وعلى انا نجدكم تفردونها وكل واحد منها بالانعام والايمان كما هو مذكور في تسبيحة الايمان وتسبيحة القربان، وتفردونها ايضا بالصنع والأفعال والخلق والتدبير، كما قلتم فيما كان منها من الافعال حين عمّده يحيى مما تقدم ذكره، وتقولون ان النازل من السماء حتى صار في بطن المرأة وصار هو وابنها بالاتحاد الذي فعله إلها واحدا ومسيحا واحدا، وانه هو الذي اظهر الآيات في الارض، وهو المقتول المصلوب، وهو الذي احيا نفسه بعد الموت، وصعد الى السماء، وجلس عن يمين ابيه. فهذه الافعال كلها الابن فعلها لا الأب.


(١) في الاصل: واحد