فإن قالوا: كل فعل من هذه الافعال قد فعله الآلهة الثلاثة.
قيل لهم: هذا خلاف النصرانية وهو بيّن فيما قدمنا وذكرنا عنهم؛ وايضا فان فعلا واحدا لا يصح ان يفعله اكثر من حي واحد، ومقدورا واحدا لا يصح ان يقدر عليه اكثر من قادر واحد، وهو مبين في كتب العلماء، والنصارى لا تفهم ذلك ولا تحوجك إليه.
واعلم ان النصارى تعتقد ان الأب قد اختلع من ملكه كله وجعله لابنه، فهو يخلق ويرزق ويحيي ويميت، وقد سمعنا هذا ممن يحتج لهم ويخبر عنهم، وهو ايضا بين في تسبيحة/ ايمانهم. ألا تسمعهم يقولون: ونؤمن بالرب الواحد يسوع المسيح، ابن الله بكر ابيه، وليس بمصنوع، إله حق من إله حق من جوهر ابيه، الذي بيده اتقنت العوالم وخلق كل شيء، الى قولهم:
وهو مستعد للمجيء تارة اخرى للقضاء بين الاموات والاحياء. ويقولون في عباداتهم وصلواتهم ومناجاتهم: انت ايها المسيح يسوع تحيينا، وترزقنا، وتخلق اولادنا، وتقيم اجسادنا، الى غير ذلك مما هذا سبيله ويطول ذكره، فبيناهم يفردون كل واحد منها بفعل، وبيناهم يقولون: ان الامر كله قد رجع الى الابن وكله شرك.
فان قيل: فما الذي عندكم عن المسيح مما يخالف هذا وما حكيتموه عن النصارى؟
قلنا: أما في الاصول فانه قال لهم: الله ربي وربكم، وإلهي وإلهكم، فيشهد على نفسه انه عبد الله مربوب مدبر مصنوع، كما شهد عليهم انهم كذلك، وانه مثلهم في العبودية والضعف والحاجة، وذكر انه رسول الله الى خلقه، وان الله ارسله كما ارسل الانبياء قبله.