للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عني، وليس كما أريد انا بل كما تريد انت. وكان يرمي من فمه كعلق الدم جزعا من الموت، ويعرق ويقلق «١» . وكان اذا ذكر البعث والقيامة والحساب يكون منه البكاء والقلق والجزع ما لا يكون من احد، ويكون من صلاته وصيامه وعبادته وخشوعه ما لا يكون من احد من زمانه.

ومثل هذا من أقواله وافعاله اكثر من ان يحصى، وهو معهم وفي أناجيلهم، حتى لقد احصى اهل المعرفة والعلم، فوجدوا المسيح عليه السلام له من الاقرار على نفسه بالعبودية والضعف والحاجة والفقر والفاقة، ولله عز وجل بالغنى والربوبية، ما لم يكادوا يجدونه لأحد من الانبياء والصالحين، ثم تقول فيه النصارى ما قد سمعت.

فإن قالوا: فقد حكى متى عنه في انجيله انه قال لتلامذته: سيروا في الارض وعمّدوا العباد باسم الآب والابن [و] «٢» روح القدس. وحكوا عنه انه قال: انا كنت قبل ابراهيم، وما اشبه ذلك.

قيل له: ليس المسيح اول من كذب عليه وانتم تعلمون ان مانيّ القس يدّعي التحقيق بالمسيح، وانه من اتباعه، وانه ليس احد على شريعته ووصاياه الا هو واتباعه، وان الانجيل الذي معه هو انجيله. وهو يذكر عنه انه كان يحرم على الناس كلهم وعلى نفسه النساء وذبائح الحيوان واكل اللحمان، وان هذا ما حلّ قط ولا يحل، ويلعن كل من احلّه. وانه كان تبرأ/ من ابراهيم وموسى وهرون ويوشع وداود، ومن كان يرى ذبح الحيوان وأذيته واكل اللحمان وغير ذلك. ويستشهد على ذلك بمواضع من الاناجيل


(١) انظر تفصيل ذلك في انجيل متى، الاصحاح ٢٧، وانجيل لوقا، الاصحاح ٢٣، وانجيل يوحنا، الاصحاح ١٩، وانجيل مرقس، الاصحاح ١٥.
(٢) الواو إضافة على الاصل يقتضيها السياق.