للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي معكم، وعندكم انه قد كذب على المسيح وافترى واخطأ فيما تأول، وان تزكية المسيح لهؤلاء الانبياء امر ظاهر لا ينصرف عنه التأويل.

قلنا: فهذه سبيلكم في دعاويكم على المسيح وانتم في هذا اشد فضيحة من المنانية، لأن تصديق المسيح للأنبياء وشهادته بما شهدوا به من توحيد الله وإفراده بالقدم والربوبية والحكمة أبين من كل بيّن وأوضح من كل واضح.

والعقلاء يردّون المجهول بالمعلوم، وما التبس بما اتضح، وما يحتمل بما لا يحتمل. وقد بلغ الجهل بالنصارى في بدعهم هذه أنهم يقصدون الى ألفاظ في التوراة وفي كتب الانبياء متحملة، يحملونها على ظنونهم السيئة وبدعهم هذه الفاحشة، فيقولون: انما اراد ابراهيم وموسى وهارون وسائر الانبياء وهو ما أردناه من ان الله ثالث ثلاثة، وأن الأرباب جماعة، وأن الله يصعد وينزل ويولد ويقتل. فيقصدون الى ما في التوراة من أن الله قال نريد ان نخلق بشرا على صورتنا ومثلنا «١» . فيقولون: هذا خطاب من جماعة، أما تسمعونه يقول: نريد، ولم يقل: أريد ان أخلق بشرا مثلي، لتعلموا أن الآلهة جماعة، وأنهم على صور وهيئات كهيئات الناس، وما أشبه هذا من الألفاظ المحتملة.

حتى تعدّوا الى القرآن فقالوا: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ، قالوا:

فهذا خطاب من جماعة لا من واحد. وقالوا في قوله عز وجل «فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ» «٢» قالوا فهذا أحد الآلهة والأرباب يقسم بالأرباب.


(١) جاء في التوراة في سفر التكوين، الاصحاح الاول: «وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا» .
(٢) المعارج ٤٠